للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الولي، وعلى هذا فالإذن في حقها على سبيل الاستحباب (١).

القول الثاني: أنها لا تزوج إلا برضاها، وليس لوليها إجبارها، وهذا مذهب أبي حنيفة، والأوزاعي، والثوري، ورواية عن أحمد، اختارها أبو بكر عبد العزيز، وصاحب "الفائق"، وشيخ الإسلام ابن تيمية، وابن القيم، وابن سعدي، وابن باز (٢).

واستدلوا بحديث أبي هريرة - رضي الله عنه -، ووجه الاستدلال: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن تزويج البكر بدون إذنها، ولو لم يكن إذنها معتبرًا لما جعله غاية لإنكاحها.

كما استدلوا بحديث ابن عباس - رضي الله عنهما - الآتي: أن جارية بكرًا أتت النبي - صلى الله عليه وسلم - فذكرت أن أباها زوجها وهي كارهة، فخيرها النبي - صلى الله عليه وسلم -.

كما استدلوا من المعقول بأن تزويج الفتاة مع كراهيتها مخالف للأصول والعقول، فإذا كان وليها لا يكرهها على بيع أو إجارة إلا بإذنها، ولا على طعام ولا شراب ولا لباس لا تريده، فكيف يكرهها على مباضعة ومعاشرة من تكره معاشرته؟! والله قد جعل بين الزوجين مودة ورحمة، فإذا كان لا يحصل إلا مع بغضها له ونفورها منه، فأي مودة ورحمة في ذلك؟! (٣).

وقد تتابع العلماء على النص على بطلان العقود التي تتم بالإكراه؛ كالبيع والشراء والإجارة، والقول بجواز إنكاح المرأة بغير رضاها مخالف للقاعدة العامة التي قررتها الشريعة، وأخذ بها أهل العلم (٤).

وهذا القول هو الراجح، لقوة دليله، ولأن التفريق بين الثيب فلا تجبر،


(١) انظر: شرح الزركشي على مختصر الخرقي، (٥/ ٨٠).
(٢) "الهداية" (١/ ١٩٦)، "المغني" (٩/ ٣٩٩)، "الفتاوى" (٣٢/ ٤٠، ٥٢)، "مختصر تهذيب السنن" (٣/ ٤٠ - ٤٢)، "المختارات الجلية" ص (١٠٣)، "فتاوى ابن باز" (٢٠/ ٤٠٩ - ٤١٥).
(٣) "الفتاوى" (٣٢/ ٢٥).
(٤) "أحكام الزواج" ص (١٤٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>