للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الإحرام، وهذا شاهد لمسألة سد الذرائع الموصلة إلى المُحَرَّمِ، وتقدم ذلك في "الحج".

وقد ذكر ابن القيم الأدلة على وجوب سد الذرائع الموصلة إلى المُحَرَّمِ من تسعة وتسعين وجهًا، وذكر منها هذه المسألة (١).

° الوجه الثالث: أخذ الجمهور من أهل العلم بحديث ميمونة - رضي الله عنها - في أن النبي - صلى الله عليه وسلم - تزوجها وهو حلال، وهذا موافق لحديث عثمان - رضي الله عنه - في النهي عن نكاح المُحْرِمِ، ولا ينهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن شيء ويفعله، فإن فعله فهو من خصائصه، أو من الأدلة على أن النهي ليس للتحريم، لكن لما جاءت الروايات الأخرى في أنه - صلى الله عليه وسلم - تزوجها وهو حلال دل على أن هذا هو الصواب، ولهذا عمل به الصحابة - رضي الله عنهم -. يقول ابن عبد البر: (ما أعلم أحدًا من الصحابة روى أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نكح ميمونة وهو مُحْرِمٌ إلا ابن عباس (٢) -رضي الله عنهما-، ورواية من ذكرنا معارضة لروايته، والقلب إلى رواية الجماعة أميل؛ لأن الواحد أقرب إلى الغلط، وأكثر أحوال حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - أن يجعل متعارضًا مع رواية من ذكرنا، فإذا كان كذلك سقط الاحتجاج بجميعها، ووجب طلب الدليل على هذه المسألة من غيرها، فوجدنا عثمان - رضي الله عنه - قد روى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه نهى عن نكاح المُحْرِمِ، فوجب المصير إلى هذه الرواية التي لا معارض لها؛ لأنه يستحيل أن ينهى عن شيء ويفعله، مع عمل الخلفاء الراشدين لها … ) (٣).

ومما يؤيد ذلك:

١ - أن ميمونة صاحبة القصة، ولا شك أن صاحب القصة أدرى بما جرى له في نفسه من غيره، ومن قواعد الترجيح في الأصول أن خبر صاحب الواقعة مقدم على خبر غيره؛ لأنه أعرف بالحال.


(١) "إعلام الموقعين" (٣/ ١٤٧).
(٢) رد عليه ابن حجر برواية عائشة وأبي هريرة - رضي الله عنهما -، وفيهما ضعف. "فتح الباري" (٩/ ١٦٦).
(٣) "التمهيد" (٣/ ١٥٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>