للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الأول: أن الاختلاف في وقت التحريم مع الاتفاق على التحريم لا يؤثر في صحته، ما دام أن أهل العلم اتفقوا على التحريم.

الثاني: أن حديث سلمة وحديث سبرة ليس بينهما اختلاف كبير، فالراوي أطلق على عام الفتح عام أوطاس؛ لأن عام أوطاس هو عام الفتح، فالفتح في رمضان، وأوطاس في شوال في سنة ثمان، كما تقدم، وإلا كيف يقول عام الفتح: (إلى يوم القيامة) ثم تباح بعد شهر واحد في أوطاس؛ وحديث سلمة ليس فيه أنهم تمتعوا في أوطاس، وإنما فيه أن الرخصة في المتعة وقعت عام أوطاس، كما تقدم.

وأما حديث علي - رضي الله عنه - في أن التحريم عام خيبر سنة سبع، وحديث سبرة في أن التحريم عام الفتح، فللعلماء في الجمع بينهما مسلكان:

الأول: أن التحريم كان عام خيبر، لحديث علي -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-، ثم أبيحت عام الفتح، وهو عام أوطاس؛ لحاجة كانت بهم إليها، ثم حرمت تحريمًا مؤبدًا إلى يوم القيامة، فيكون التحريم والإباحة وقعا مرتين، ولا يمنع إباحة الشيء عند الحاجة إليه، ونسخه عند الاستغناء عنه، وهذا رأي النووي (١)، واختاره الشنقيطي (٢)، وذلك لأن حديث علي - رضي الله عنه - صريح في تحريم المتعة يوم خيبر، وحديث سبرة صريح في أن التحريم وقع يوم الفتح، ولذا جاء فيه: (إلى يوم القيامة)، إشارة إلى أنَّه تحريم مؤبد لن يكون بعده إباحة، والحق أن أحاديث تحريمها عام خيبر لا تخلو من احتمال.

الثاني: أن التحريم لم يقع إلَّا مرة واحدة وهو يوم الفتح، وقبله كانت مباحة، ولم يقع تحريم عام خيبر، والحامل لهؤلاء ثبوت الرخصة في المتعة بعد زمن خيبر، وأما حديث علي - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - فهو لم يُرِدْ أن تحريم المتعة وقع مع تحريم الحُمُرِ يوم خيبر، وإنما قرنهما جميعًا ردًّا على ابن عبَّاس - رضي الله عنهما - الذي


(١) "شرح صحيح مسلم" (٩/ ١٩٣).
(٢) "أضواء البيان" (١/ ٣٨٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>