للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قوله: (قبل أن يدخل بها) ليس المراد بالدخول مجرد الخلوة، بل المراد الوطء، بدليل آخر الحديث.

قوله: (فقال: لا) أي: لا يتزوجها الأول.

قوله: (من عسيلتها) بضم العين وفتح السين، تصغير عَسَلَة، وهي كناية عن الجماع، ففيه تشبيه لذة الجماع بذوق العسل. وأنث لفظ عسيلة؛ إما لأن المراد اللذة؛ أي: حتَّى يذوق من لذتها، أو لأن العسل مؤنث، أو لأنه يذكر ويؤنث.

• الوجه الثالث: الحديث دليل على أن المطلقة ثلاثًا لا تحل لزوجها إلَّا بعد أن تتزوج غيره، ويطأها الزوج الثاني، فيكون المراد بقوله تعالى: {حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيرَهُ} [البقرة: ٢٣] الوطء، دل على ذلك السنة، كما في هذا الحديث وغيره. قال ابن المنذر: (أجمعوا على أن الرجل إذا طلق امرأته ثلاثًا أنَّها لا تحل له إلَّا بعد زوج، على ما جاء به حديث النبي - صلى الله عليه وسلم -، وانفرد سعيد بن المسيب فقال: إن تزوجها تزويجًا صحيحًا لا يريد به إحلالًا، فلا بأس أن يتزوجها الأول) (١).

ولعل سعيد بن المسيب لم يبلغه الحديث فأخذ بظاهر القرآن، قال الجصاص: (ولم نعلم أحدًا تابعه عليه، فهو شاذ) (٢)، وعلى هذا فمجرد العقد لا يبيحها للأول.

وقد أبدى بعض العلماء الحكمة من تحريمها عليه حتَّى تنكح زوجًا غيره، وذلك ليرتدع الرجل عن التسرع في الطلاق؛ لأن العودة إليها بعد نكاح زوج آخر مما تأباه غيرة الرجال وشهامتهم، خصوصًا إذا كان الزوج الثاني عدوًا للأول أو مناظرًا له (٣).

• الوجه الرابع: الحديث دليل على جواز رجوعها لزوجها الأول إذا


(١) "الإجماع" ص (١٠٢).
(٢) "أحكام القرآن" (٢/ ٨٩).
(٣) "صفوة الآثار والمفاهيم" (٣/ ١٠٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>