للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حصل الجماع من الزوج الثاني، والمراد: أن يكون وطئها منتشرًا بحيث يحصل جماع تام يذوق به كل واحد منهم عسيلة الثاني، وشرط ذلك أن يكون الثاني قصد بنكاحها الرغبة ودوام العشرة، ولم يرد به تحليلها للأول، فإن كان كذلك لم تحل له، كما تقدم.

كما يشترط أن يكون النكاح صحيحًا، قال الوزير ابن هبيرة: (اتفقوا على أنَّه إنما يقع الحل بالوطء في النكاح الصحيح) (١). فإن كان غير صحيح؛ كشغار أو بلا ولي لم يحصل به تحليل؛ لأن الله تعالى قال: {حَتَّى تَنْكِحَ} والنكاح الفاسد وجوده وعدمه سواء، والشرع لا يعلق على النكاح الفاسد أو الباطل حكمًا شرعيًّا.

وفي الآية شرط ثالث، وهو أن يترجح عندهما التمكن من إقامة حدود الله تعالى، وذلك بإعطاء كل واحد منهما حقوق صاحبه مع حسن العشرة، ولا يتكرر ذلك الاعتداء الذي أدى إلى الطلاق ثلاث مرات، قال تعالى: {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيرَهُ فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا جُنَاحَ عَلَيهِمَا أَنْ يَتَرَاجَعَا إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (٢٣٠)} [البقرة: ٢٣٠].

• الوجه الخامس: اختلف العلماء في المراد بالعسيلة في الحديث على قولين:

الأول: أن المراد به المجامعة، وهو تغييب الحشفة من الرجل في قُبلها، وإن لم ينزل؛ لأن المقصود ذوق العسيلة، وهو حاصل بالجماع ولو لم ينزل، وهذا قول الجمهور.

والثاني: أن المراد: نزول المني، وأن التحليل لا يكون إلَّا بذلك، وهذا قول الحسن البصري، وكأنه رأى أن ذوق العسيلة لا يحصل إلَّا بالإنزال. والله تعالى أعلم.


(١) "الإفصاح" (٢/ ١٥٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>