للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وفي إسناد الحديث اختلاف لا يضر أشار إليه الحافظ في "الإصابة" (١).

• الوجه الثاني: في شرح ألفاظه:

قوله: (يا بني بياضة) هم بطن من بطون الخزرج، إحدى قبيلتي الأنصار، وأصلهم من الأزد من قحطان.

قوله: (أنكحوا) بفتح الهمزة من أنكح الرباعي؛ أي: زوجوه بناتكم.

قوله: (أبا هند) هو مولى فروة بن عمرو البياضي، مختلف في اسمه، قيل: عبد الله، وقيل غير ذلك (٢)، كان حجامًا، حجم النبي - صلى الله عليه وسلم - كما في رواية أبي داود، تخلف عن غزوة بدر، وشهد ما بعدها.

قوله: (وانكحوا إليه) بهمزة الوصل أمر من نكح الثلاثي؛ أي: اخطبوا إليه بناته ولا تخرجوه منكم بسبب مهنة الحجامة.

• الوجه الثالث: الحديث دليل على أن الكفاءة في النسب وفي المهنة غير معتبرة في النكاح، وأن الحاجم يكون كفؤًا لقرابته غير الحجامين، ومثل هذا لو كان جزارًا أو خرازًا أو دباغًا، أو نحو ذلك من المهن التي يزدريها الناس؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر بتزويج أبي هند مع أنَّه مولى، وفي الوقت نفسه كانت مهنته الحجامة، وقد كانت من المهن الحقيرة في زمانهم، وهذا يدل على بطلان الحديث الأول.

قال الخطابي: (في هذا الحديث حجة لمالك ولمن ذهب مذهبه في أن الكفاءة بالدين وحده، دون غيره … ) (٣). وقال الشيخ عبد العزيز بن باز: (ومعلوم أن الحجامة، والدباغة، والحياكة، والحدادة فيها مصالح عظيمة للمسلمين، فالذي يقوم بها جدير بأن يشكر لا بأن يهمل، فإهماله وعدم تزويجه معناه التنفير عن هذه المهن النافعة للناس، فكما أنَّه غَلَظ في الحكم هو غلط في المعنى … ).


(١) (١٢/ ٨٠ - ٨١).
(٢) "الإصابة" (١٢/ ٨٠).
(٣) "معالم السنن" (٣/ ٤٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>