للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ومما يؤيد هذا -أيضًا- أنَّه ورد عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أنَّه خيَّر امرأة من أهل الحيرة أسلمت ولم يسلم زوجها (١).

ومما يؤيد ذلك أنَّه بإسلامها لم يكن كفؤًا لها، وإذا انتفت الكفاءة أعطيت الزوجة الخيار كقصة بريرة المتقدمة، ولا يرد ذلك قوله تعالى: {فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ}؛ لأن معناها: أن المؤمنة المهاجرة لا ترجع إلى كفار مكة المحاربين، ولا تحل لكافر محارب، ولا يحل لها كافر محارب، وليس في ذلك ما يدل على أن عقد النكاح قد انقطع بين المرأة وزوجها الكافر المحارب، وإنَّما أباحت لها النكاح، فلما جاءت قصة زينب فأثبتت استمرار العقد القديم، دلَّ على أن إباحة نكاح المهاجرة التي لها زوج في أرض الشرك كان على سبيل الرخصة، وإليه يشير قوله تعالى: {وَلَا جُنَاحَ عَلَيكُمْ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ} (٢).

يقول ابن تيمية: "والقول بتعجيل الفرقة خلاف المعلوم بالتواتر من سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، والقول بالتوقف على انقضاء العدة -أيضًا- كذلك، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يوقت ذلك في من أسلم على عهده من النساء والرجال مع كثرة ذلك؛ لأنه لا مناسبة بين العدة وبين استحقاقها بإسلام أحدهما … " (٣).

وقال في تضعيف القول بأن الفرقة تقع بمجرد الإسلام: (إن في هذا تنفيرًا عن الإسلام، فإن المرأة إذا علمت، أو الزوج أنَّه بمجرد الإسلام يزول النكاح ويفارق من يحب، ولم يبق له عليها سبيل إلَّا برضاها ورضا وليها ومهر جديد، نفر عن الدخول في الإسلام، بخلاف ما إذا علم كل منهُما أنَّه متى أسلم فالنكاح بحاله، ولا فراق بينهما إلَّا أن يختار هو المفارقة كان في ذلك من الترغيب في الإسلام ومحبته ما هو أدعى إلى الدخول فيه) (٤).


(١) "مصنف عبد الرزاق" (٦/ ٨٤). وهذا الأثر معلول.
(٢) انظر: "إسلام أحد الزوجين ومدى تأثيره على عقد النكاح" ص (٩٦). مع مراجعة كتاب: "أثر إسلام أحد الزوجين في النكاح".
(٣) "الفتاوى" (٣٢/ ٣٣٨).
(٤) "أحكام أهل الذمة" (١/ ٣٤٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>