للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

زوجها أبي العاص، كما أنَّه دليل واضح على أنَّه ردها إليه بالعقد الأول، ولم يحدث عقدًا جديدًا، قالوا: وحديث ابن عبَّاس وإن كان فيه ضعف، لكن ضعفه أقل من ضعف حديث عمرو بن شعيب.

وذهب الجمهور من أهل العلم إلى أنَّه متى أسلم أحد الزوجين وتخلف الآخر حتَّى انقضت عدة المرأة المدخول بها انفسخ النكاح (١).

واستدلوا بقوله تعالى: {فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ}، وقوله تعالى: {وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِر} [الممتحنة: ١٠]، كما استدلوا بحديث عمرو بن شعيب. قالوا: ولأن المرأة تنقطع علاقتها بزوجها بتمام العدة.

وأجابوا عن قصة أبي العاص مع امرأته بعدة أجوبة، منها: أنَّها قبل نزول تحريم المسلمات على الكفار، فتكون منسوخة بما جاء بعدها، أو أنَّها كانت حاملًا واستمر حملها حتَّى أسلم زوجها، أو أنَّها ردت إليه بنكاح جديد، كما في حديث عمرو بن شعيب (٢).

والراجح هو القول الأول، لقوة دليله؛ فإن حديث ابن عبَّاس - رضي الله عنهما - ليس فيه ما يدل على اعتبار العدة، ومما يؤيد ذلك أنَّه ثبت بالتواتر إسلام كثيرين في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم -، يسلم أحد الزوجين، ويتأخر إسلام الآخر، فلا يسلم إلَّا بعد انقضاء العدة، ومع هذا لم ينقل أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يسأل عن انقضاء العدة، ولم ينقل أنَّه جدد العقد لأحد، مما يدل على بقاء النكاح، وأما مراعاة العدة وهو أنَّه إذا أسلم في أثنائها ردت إليه، وإن أسلم بعد انقضائها انفسخ النكاح، فلا دليل عليه من نص ولا إجماع، ثم لو كان الإسلام بمجرده فرقة لم تكن فرقة رجعية، بل بائنة، ولا أثر للعدة في بقاء النكاح، وإنَّما أثرها في منع نكاحها للغير، ولو كان الإسلام أنجز الفرقة لم يكن أحق بها في العدة.


(١) "التمهيد" (١٢/ ٢٥)، "مغني المحتاج" (٣/ ١٩١)، "المغني" (١٠/ ١٠)، "الشرح الكبير" (٢/ ٢٦٧).
(٢) راجع "تهذيب مختصر السنن" (٣/ ١٥١) حيث ذكر ابن القيم تسعة وجوه لتأويل هذا الحديث.

<<  <  ج: ص:  >  >>