للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

* الوجه الرابع: هذا الحديث وما بعده من الآثار تتعلق بالعيوب في النكاح التي يثبت فيها الخيار، والعيوب: جمع عيب، وهو نقص بدني أو عقلي في أحد الزوجين يمنع من تحصيل مقاصد الزواج والتمتع بالحياة الزوجية (١)، والعيوب التي ذكرها الفقهاء منها ما هو خاص بالرجل، وأهمها ثلاثة: الجَبُّ والخِصَاءُ والعُنَّةُ. ومنها ما هو خاص بالمرأة، وهما اثنان: القَرَنُ والرَّتَقُ. ومنها ما هو مشترك، وأهمها ثلاثة: الجذام والجنون والبرص. ولم يرد في الباب أحاديث صحيحة، وإنما الاعتماد علي هذه الآثار وما شابهها مما ورد عن الصحابة - رضي الله عنه - على ما في بعضها من مقال، مع ما يضاف إلي ذلك من عموم قوله - صلى الله عليه وسلم -: "من غشنا فليس منا"، وقوله: "الدين النصيحة … "، فليس لأحد أن يغش الزوج أو الزوجة، وليس للزوج أن يكتم عيوبه، ولا للمرأة أن تكتم عيوبها.

ومما يدل علي أهمية العيوب في النكاح أن فقهاء الشافعية والمالكية اعتبروا السلامة من العيوب أحد خصال الكفاءة، وعللوا لما ذهبوا إليه بأن النفس تعاف صحبة من به عيب، ويختل بهذه العيوب مقصود النكاح، حتى إن ابن رشد وضع قاعدة تدل علي قول من يذهب هذا المذهب، فقال: (كل من يقول برد النكاح من العيوب، يجعل الصحة من الكفاءة) (٢).

فالدليل علي هذه المسألة هو الأثر، ويضاف إليه النظر، فإن الأصل في عقد النكاح السلامة من العيوب كغيره من العقود، فكأن عدم العيب مشروط في العقد؛ ولأن السلامة من العيوب كالمشروط عرفًا؛ لأن الإطلاق في العقود ينصرف إلى السلامة.

* الوجه الخامس: ذهب الجمهور من أهل العلم، ومنهم المالكية والشافعية والحنابلة إلي ثبوت فسخ النكاح إذا وجد عيب في أحد الزوجين، على تفاصيل عندهم في تعيين العيوب التي يفسخ بها النكاح، مستدلين بما


(١) "الفرقة بين الزوجين" ص (١٢٠).
(٢) "مغني المحتاج" (٣/ ١٦٥)، "بداية المجتهد" (٣/ ٣٢)، "أحكام الزواج" ص (٢٣٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>