للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

* الوجه الثامن: يثبت حق الفرقة بين الزوجين إذا وُجِدَ عيب على التراخي عند الحنفية والحنابلة، فلا يسقط بالسكوت؛ لجواز أن يكون من باب التريث ورجاء الشفاء، وإنما يسقط بما يدل على الرضا به صراحة أو دلالة، بأن تقول: رضيت، أو أسقطت حقي، أو توافق على عقد الزواج من نفسها إلا العُنة عند الحنابلة، فلا يسقط بها حق الفرقة بالتمكين؛ لجواز أن يكون من باب التريث ورجاء الشفاء، وقالت الشافعية والمالكية: إن ثبوت حق الفرقة فوري إذا وجد عيب، فإذا سكت عنه صاحبه حتى مضي وقت يمكنه فيه رفع الأمر للقاضي، ولم يرفعه عُدَّ راضيًا به.

والرأي الأول قوي، لقوة مأخذه (١)، ولوقيل: إن الأمر يرجع فيه إلي اجتهاد القاضي، ما كان بعيدًا ليختار أحد القولين حسب المصلحة.

* الوجه التاسع: اختلف العلماء فيما إذا غُرَّ الزوج بالعيب وحصل الفسخ بعد الدخول، فهل له رجوع بالمهر، وعلى من يرجع؟ على قولين:

الأول: أنه يرجع بالمهر على من غرَّه من ولي أو وكيل؛ لأنه غُرْمٌ لحِقَ الزوج بسبب هذا الغارّ، وهذا قول مالك وأصحاب الشافعي وأصح الروايتين عن أحمد (٢)، واستدلوا بقول عمر - رضي الله عنه -: (وهو له على من غره منها)، بشرط أن يكون الولي أو الوكيل عالمًا بالعيب، فإن كان جاهلًا فلا غرم عليه؛ لأن قوله: (على من غَرَّه) يدل على أن الولي أو غيره حصل منه الغرر، ولا غرر إلا مع العلم.

والقول الثاني: أنه لا رجوع للزوج على أحد؛ لأنه قد لزمه المهر بمسيسه إياها، فهو كالمبيع المعيب إذا أكله ثم علم عيبه، وهذا قول أبي حنيفة والشافعي في الجديد، ورواية عن أحمد، لكنه رجع عنها كما ذكر ابن قدامة (٣)، ومن بعده الزركشي (٤)، ولهذا اقتصر أكثر فقهاء الحنابلة على الرواية الأولى (٥).


(١) "الفرقة بين الزوجين" ص (١٢٤).
(٢) "المغني" (١٠/ ٦٤).
(٣) "المغني" (١٠/ ٦٤).
(٤) (٥/ ٢٥٠).
(٥) "الكافي" (٢/ ٦٨٧)، "المبدع" (٧/ ١١١).

<<  <  ج: ص:  >  >>