للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

واختار هذا القول الشوكاني بناءً منه على أن قول عمر - رضي الله عنه - لا يصلح للاستدلال به لأنه قول صحابي، وتضمين الغير بلا دليل لا يحل (١)، والقول بالرجوع فيه وجاهة أخذًا بقول عمر - رضي الله عنه -، ولأن فيه منعًا للتغرير؛ لأن الغار من ولي أو غيره إذا علم برجوع الزوج عليه قد يرتدع عن تغريره.

* الوجه العاشر: الحديث دليل على أن العُنة عيب يفسخ بها النكاح بعد تحققها، وهذا قول الجمهور من أهل العلم، لكن يؤجل سنة من حين رفعته للحاكم، ما لم يكن هناك مانع من مرض أو إحرام، لتمر عليه الفصول الأربعة، فإن وطئ فقد تبين أنه ليس بعنين، وإلا خيرت بين المقام معه وبين فراقه، لقضاء عمر وابن مسعود -رضي الله عنهما-، كما استدلوا بقوله تعالى: {فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} [البقرة: ٢٢٩] ومن الإمساك بالمعروف: الجماع، ويمكن أن يستفاد من الطب الحديث في مسألة العنة.

* الوجه الحادي عشر: من العيوب في النكاح العقم، وهو عدم الولادة، والأظهر من قولي أهل العلم أنه عيب يثبت به الخيار للمرأة إذا بان الزوج عقيمًا، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية، وتلميذه ابن القيم، والشيخ محمد بن إبراهيم، وذلك لأن تحصيل الولد من أهم مقاصد النكاح (٢).

أما إذا كانت الزوجة عقيمة، فقد قيل: إنه ليس بعيب؛ لأن الزوج له أن يتزوج بأخرى ويبقيها معه، لمودته إياها، بل نقل القرطبي الإجماع على أن العقيمة التي لا تلد لا تُرد (٣)، وهو ظاهر اختيار الشيخ ابن إبراهيم، ولم يتعرض شيخ الإسلام لعقم الزوجة، ولعله يرى أن الرجل إذا كان متشوفًا للولد فإنه يستطيع أن يتزوج بأخرى، بخلاف المرأة فإن ذلك لا يمكن في حقها، فلذا أثبت لها خيار الفسخ إذا كان زوجها عقيمًا.


(١) "نيل الأوطار" (٦/ ١٧٨).
(٢) "الاختيارات" ص (٢٢٢)، "زاد المعاد" (٥/ ١٨١ - ١٨٢)، "فتاوى ابن إبراهيم" (١٠/ ١٦٥).
(٣) "تفسير القرطبي" (٣/ ٩٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>