للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قوله: (وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه) الغرض من هذه الجملة أن المرأة خلقت من ضلع أعوج، فلا ينكر اعوجاجها، أو أنها لا تقبل التقويم، كما أن الضلع لا يقبله.

قوله: (فإن ذهبت تقيمه كسرته) أي: فإن أردت أن تعدله وترده إلي الاستقامة كسرته وأفسدت تركيبه، لعدم قابليته لذلك، والضمير يعود على الضلع.

قوله: (وإن تركته لم يزل أعوج) أي: وإن تركته ولم تأخذ في إقامته لم يفارق طبيعته، بل يبقى على اعوجاجه؛ لأنه وصفه وشأنه، وكذا المرأة إن أردت الانتفاع بها وصبرت على سوء حالها وضعف معقولها، ونحو ذلك من عِوَجِها دام الأمر، واستمرت العشرة، وإن أردت إقامتها على الجادة وعدم اعوجاجها لم تحصل على ما تريد، بل يؤدي ذلك إلى الشقاق والفراق، وهو كسرها.

* الوجه الثالث: الحديث دليل على تحريم أذى الجار، وأن إيذاءه خلل في الإيمان، سواء أكان إيذاء بالقول أم بالفعل؛ لأن الأذي بغير حق محرم لكل أحد، ولكن في حق الجار هو أشد تحريمًا، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، والله لا يؤمن"، قيل: ومن يا رسول الله؟ قال: "من لا يأمن جاره بوائقه" (١). قال الحافظ: (فيه نفي الإيمان عمن يؤذي جاره بالقول أو الفعل، ومراده الإيمان الكامل، ولا شك أن العاصي غير كامل الإيمان) (٢).

وعن أبي هريرة - رضي الله عنه -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "لا يدخل الجنة من لا يأمن جاره بوائقه" (٣) والبوائق: الشرور.

وسيأتي -إن شاء الله- أحاديث في حقوق الجار في كتاب "الجامع" آخر "البلوغ".


(١) أخرجه البخاري (٦٠١٦) من حديث أبي شريح - رضي الله عنه -.
(٢) "فتح الباري" (١٠/ ٤٤٤).
(٣) رواه البخاري (٦٠١٦)، ومسلم (٤٦) واللفظ له.

<<  <  ج: ص:  >  >>