للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

* الوجه الرابع: الحديث دليل على عناية الإسلام بشأن المرأة حيث جاءت الوصية بالنساء خيرًا، وتكررت في هذا الحديث وفي مناسبات متعددة، كررها النبي - صلى الله عليه وسلم - تأكيدًا على ضرورتها، وبيانًا لفائدتها، وذلك لضعف النساء واحتياجهن إلى من يقوم بأمرهن، وفي عناية الإسلام بالمرأة ورعايتها محافظةٌ على بناء الأسرة وسلامة المجتمع.

* الوجه الخامس: في الحديث توجيه نبوي ودرس تربوي لمعاملة النساء بالتسامح والصبر، وذلك يتم بالمعاشرة الطيبة، والتحمل لما قد يحصل منها ما دام ذلك لا يخل بالدين والشرف والعفاف، وغض النظر عن كثير من اعوجاجها؛ لأن الرجال أقدر على الاحتمال والصبر منهن.

وعلى الزوج أن يجتهد في إصلاحها وتوجيهها حتى تستقيم الحال، وتدوم العشرة، وتبقى المودة والمحبة؛ لأن قوله - صلى الله عليه وسلم -: "فاستوصوا بالنساء خيرًا" فيه إشعار بأنه ينبغي تقويمها وتوجيهها برفق بحيث لا يبالغ الرجل في ذلك فيكسر، ولا يتركه فيستمر على عوجه.

أما من يحاسب على كل شيء، ويجحد الحسنات، ويظهر السيئات، فهذا ليس من خلق المؤمن، وليس من العشرة المطلوبة شرعًا، وغالبًا ما تجد هذا المصنف من الناس في عذاب ونكد، وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا يَفْرَكْ مؤمن مؤمنة، إن كره منها خلقًا رضي منها آخر" (١)، وقوله: (لا يفرك) بفتح الياء وإسكان الفاء وفتح الراء، يقال: فَرِكَ -بكسر الراء- يَفْرَكُ -بفتحها- فرِكًا وفرَكًا إذا أبغض، والمعنى: لا يبغض المرأة بغضًا تامًّا يحمله على فراقها؛ لأنه إن وجد فيها خلقًا يكره وجد فيها خلقًا مرضيًّا، بأن تكون شَرِسَةَ الخُلُقِ، لكنها ديّنة أو جميلة أو رفيقة به ونحو ذلك (٢).

وكثير من الأزواج يريدون الكمال في زوجاتهم، وهذا شيء غير ممكن، وبذلك يقعون في النكد، ويُحرمون من الاستمتاع والمتعة بهن، وربما أدى ذلك إلى الطلاق. والله تعالى أعلم.


(١) أخرجه مسلم (١٤٧٠).
(٢) "شرح النووي" (١٠/ ٣١١ - ٣١٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>