للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ} إلي قوله: {إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا} [النساء: ٣٤] (١) قال الحافظ: (بسياق الآية تظهر مطابقة الترجمة؛ لأن المراد منها قوله تعالى: {فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ} فهو الذي يطابق قوله: (آلى من نسائه شهرًا) لأن مقتضاه أنه هجرهن)، وهذا يدل على جواز الهجر في غير البيت.

وقد اختلف العلماء في الجمع بين هذا الحديث وحديث الباب، فمن أهل العلم من قدم حديث أنس - رضي الله عنه - على حديث الباب، فأجاز الهجر في غير البيت، وهذا رأي البخاري، فإنه لما ذكر حديث معاوية بن حيدة معلقًا في باب (هجرة النبي - صلى الله عليه وسلم - نساءه في غير بيوتهن) قال: (الأول أصح) أي: الهجر في غير البيوت أصح إسنادًا.

وقال آخرون: إن الحصر المذكور في حديث الباب غير معمول به، بل يجوز الهجر في غير البيوت، كما فعل النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهذا رأي ابن المنير، كما نقله عنه الحافظ.

وقيل: إن ذلك يختلف باختلاف الأحوال (٢)، وقيل: إن كان عنده امرأة واحدة هجرها في البيت، وإن كان عنده أكثر من واحدة هجرهن خارج البيت؛ لفعل النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهذا رأي الشيخ عبد العزيز بن باز.

* الوجه السابع: في الحديث دليل على أنه لا ينبغي للزوج تقبيح زوجته، وذلك باستعمال الألفاظ السيئة التي تسبب سوء العشرة والنفرة بين الزوجين، مثل: قبحك الله، أو قاتلك الله، أو لعنك الله، وما أشبه ذلك من السب، بل عليه أن يخاطبها المخاطبة الطيبة التي تدعو إلي رقتها عليه وطاعتها له وميلها. لكن من الملاحظ أن سيرة كثير من الناس مع النساء سيرة قبيحة ومعاملة سيئة إلا من عصم الله، وهذا سببه ضعف الإيمان، وقلة العلم والبصيرة والفقه في الدين، كما ساءت سيرة كثير من الزوجات لذلك، فإذا قوي الإيمان وتنور القلب بالعلم أدي كل منهما ما عليه للآخر من حقوق ودامت العشرة الطيبة والمعاملة الحسنة. والله تعالى أعلم.


(١) "صحيح البخاري" (٥٢٠١).
(٢) انظر: "فتح الباري" (٩/ ٣٠١).

<<  <  ج: ص:  >  >>