للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ورد عن جابر - رضي الله عنه - قال: (نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الضرب في الوجه، وعن الوسم في الوجه) (١). وهذا يدل على أن النهي عام في الآدمي من الزوجة والولد والتلميذ وغيرهم، وكذا الحيوان مثل الحمير والخيل والبغال والغنم، وغيرها، وهو في الآدمي أشد، لما تقدم، وسيأتي لهذا مزيد بيان في "الحدود" إن شاء الله تعالى.

* الوجه الخامس: في الحديث دليل على جواز ضرب الزوجة؛ لأن الشرع ما نهي عن الضرب، وإنما خص النهي بضرب الوجه، فإذا وجد ما يوجب تأديب الزوجة بالضرب فله أن يضربها، بشرط أن يكون ضربًا خفيفًا، وأن يتجنب الوجه وكل ما يخشى عليه الضرر؛ لأن المقصود من الضرب الإصلاح والتأديب، لا الإتلاف والتشويه، قال تعالى: {وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ} [النساء: ٣٤] وقد دلت الآية الكريمة على التدرج في معالجة الزوجة، وأن الضرب هو آخر مراحل العلاج.

* الوجه السادس: في الحديث دليل على جواز هجر الزوج زوجته بالقدر الذي يراه مناسبًا لتأديبها، وشرط ذلك ألا يكون خارج البيت بحيث يتركها وحدها، لما يترتب عليه من الوحشة والمفاسد التي لا تحمد عقباها، بل يكون هجرها في البيت، فلا يكلمها، أو يغلظ لها في القول، أو يهجرها في المضجع، بحيث ينام معها على فراش واحد، ولا يجامعها، قال تعالى: {وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ}. وهذا قول ابن عباس -رضي الله عنهما-، واختاره القرطبي وابن كثير (٢).

وليس له مدة معينة، أما الهجر في الكلام فهو مقيد بثلاثة أيام فما دونها، وسيأتي الكلام على ذلك في كتاب "الجامع" إن شاء الله تعالى.

وقد ثبت في حديث أنس - رضي الله عنه -: (أن النبي - صلى الله عليه وسلم - آلى من نسائه شهرًا، وقعد في مشرُبة له … ) (٣) أخرجه البخاري في باب قوله تعالى: {الرِّجَالُ


(١) أخرجه مسلم (٢١١٦).
(٢) "تفسير القرطبي" (٥/ ١٧١)، "تفسير ابن كثير" (٢/ ٢٥٧).
(٣) المشربة: بضم الراء وفتحها، هي الغرفة العالية. ["فتح الباري" (٥/ ١١٦)].

<<  <  ج: ص:  >  >>