للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

"الولد للفراش" (١) أي: لمن يطأ في الفراش، والكناية عما يستحيا منه كثير في الكتاب والسنة، قال تعالى: {هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ} (٢) [البقرة: ١٨٧].

قوله: (لعنتها الملائكة) يحتمل أن المراد بالملائكة: الحفظة، ويحتمل أنهم غيرهم، واستظهر العيني أنهم غيرهم (٣)، ذلك أن للملائكة أعمالًا يقومون بها دلت عليها النصوص، فلا يبعد أن يكون هناك ملائكة موكلون بأمور، هذا منها، وقد وقع عند البخاري في "بدء الوحي"، وعند مسلم (٤): "فبات غضبان عليها" وهذه الجملة تفيد أن وقوع اللعن المرتب على ثبوت معصيتها مقيد بغضب الزوج، بخلاف ما إذا لم يغضب؛ لأنه قد يكون عَذَرَها أو ترك حقه من ذلك، فتكون هذه الجملة قيدًا لما أطلق في رواية البخاري في كتاب "النكاح".

قوله: (حتى تصبح) في رواية "الصحيحين" كما تقدم: "حتى ترجع" قال الحافظ: وهي أكثر فائدة. والأولي "حتى تصبح" محمولة على الغالب؛ لأن قوله: "حتى تصبح" ظاهره اختصاص اللعن بما إذا وقع الامتناع منها ليلًا دون النهار، وليس هذا بقيد، وإنما ذكر ذلك لأن مظنة هذا الطلب يكون ليلًا في الغالب، وكأن السر تأكيد ذلك في الليل وقوة الباعث إليه، وإلا فهو عام في الليل والنهار، بل قد يكون النهار آكد في النهي؛ لحديث: "إذا أبصر أحدكم امرأة فليأت أهله؛ فإن ذلك يَرُدُّ ما في نفسه" (٥) ومعلوم أن ذلك خوف الفتنة، ويؤيد ذلك رواية مسلم: "حتى يرضى عنها" فإنها مطلقة تتناول الليل والنهار، وبهذا تظهر الفائدة من إيراد المصنف رواية مسلم، فتكون إجابته واجبة ليلًا ونهارًا، ويبقى اللعن مستمرًا حتى ترجع أو يرضى عنها.

وعلى هذا فالروايات ثلاث: "حتى تصبح" متفق عليها، "حتى يرضى" عند مسلم، "حتى ترجع" متفق عليها، والجمع بينها من وجهين:


(١) سيأتي الكلام عليه في آخر باب "العدة" إن شاء الله تعالى.
(٢) "بهجة النفوس" (٣/ ٢٢٩).
(٣) "بهجة النفوس" (٣/ ٢٢٩)، "عمدة القاري" (١٦/ ٣٥٨).
(٤) "صحيح البخاري" (٣٢٣٧) "صحيح مسلم" (١٤٣٦) (١٢٢).
(٥) أخرجه مسلم (١٤٠٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>