للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الأول: ما تقدم من أن رواية "حتى ترجع" أكثر فائدة، ورواية "حتى تصبح" محمولة على الغالب.

الثاني: أن رواية "حتى تصبح" محمولة على ما إذا لم يحصل رضا ولا رجوع، فاللعن ينتهي بطلوع الفجر، وأما روايتا: "حتى يرضى" "حتى ترجع" فمحمولة على ما إذا حصل ذلك فإن اللعن يتوقف.

* الوجه الثالث: في الحديث دليل على وجوب طاعة الزوجة لزوجها إذا طلبها إلى فراشه، وتحريم امتناعها من ذلك لغير عذر شرعي، وليس الحيض بعذر في الامتناع؛ لأن له حقًّا في الاستمتاع بها فوق الإزار.

ووجه الدلالة: لعن الملائكة لها، إذ لا يلعنون أحدًا إلا عن أمر الله، واللعن لا يكون إلا عقوبة، ولا عقوبة إلا على ترك واجب أو فعل محرم.

وإنما وقع ترهيب المرأة وتهديدها إذا لم تلبِّ رغبة زوجها؛ لأن ذلك يؤدي إلى أضرار ومفاسد عظيمة، منها تعريض الزوج للوقوع في الحرام، ناهيك عن الأمراض الجسمية، وكذلك التوتر النفسي الذي ينتج عن الغضب.

وهذا مقيد عند أهل العلم بما إذا أدى حقها من النفقة والكسوة والسكن، أما إذا منعها حقها أو ظلمها وتعدي عليها فإنه لا يلزمها السمع ولا الطاعة.

* الوجه الرابع: في الحديث دليل على رعاية الله تعالى لعبده، ولعن من عصاه في قضاء شهوته، فعلي العبد أن يوفي حقوق ربه التي طلبها منه وأمره بها، ويقوم بذكره وشكره، ويحسن عبادته، وإلا فما أقبح الجفا من العبد الحقير للملك الكبير.

* الوجه الخامس: في الحديث دليل على قبول دعاء الملائكة للآدميين من خير أو شر، ولولا أن دعاءهم مقبول ما خوَّف النبي - صلى الله عليه وسلم - به المرأة الممتنعة من فراش زوجها، وقد دل القرآن على ذلك، قال تعالى: {وَالْمَلَائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ} [الشورى: ٥].

* الوجه السادس: استدل بهذا الحديث من قال: بجواز لعن المعين المتصف بشيء من المعاصي، ولا خلاف بين أهل العلم في جواز لعن الكفار جملة، كما لا خلاف في جواز لعن أصحاب المعاصي جملة كشُرَّاب الخمر،

<<  <  ج: ص:  >  >>