للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأكلة الربا، ومن تشبه بالرجال من النساء، ومن النساء بالرجال، كما حكي ذلك القرطبي (١).

وإنما الخلاف في لعن العاصي المعين، وقد قال ابن العربي: إنه يجوز لعنه اتفاقًا (٢)، وهذا فيه نظر، فإن الخلاف ثابت، كما قال القرطبي.

فمن أهل العلم من أجاز لعن العاصي المعين، وهو اختيار النووي (٣)، واستدلوا بهذا الحديث كما تقدم، وكذا حديث جابر - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - مَرَّ عليه حمار قد وُسِمَ في وجهه، فقال: "لعن الله الذي وسمه" (٤).

وذهب آخرون إلى أنه لا يجوز لعن المعين؛ لأن اللعن هو الطرد والإبعاد عن رحمة الله، وما ندري بما يختم لهذا الفاسق أو الكافر المعين، واختار هذا شيخ الإسلام ابن تيمية (٥).

والدليل أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهي عن لعن الصحابي الذي أُتي به وقد شرب الخمر (٦).

وهذا هو الأظهر -إن شاء الله- لقوة مأخذه، ولإمكان التوبة وغيرها من مسقطات العقوبة.

وأما حديث جابر - رضي الله عنه - فالمراد به لعن جنس فاعل ذلك، ويؤيد ذلك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما دعا على بعض الكفار بعد أُحُدٍ باللعنة والطرد من رحمة الله وعيَّنهم، نزل قوله تعالى: {لَيسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيءٌ} [آل عمران: ١٢٨].

أما حديث الباب فلا دليل فيه لأمرين:

الأول: أن التكليف بيننا وبين الملائكة مختلف، فليس لنا أن نتأسَّي بهم إلا بدليل.

الثاني: أن هذا اللعن ليس بالخصوص، بل هو بالعموم بأن يقولوا: لعن الله من دعاها زوجها، لكن قد يشكل على هذا لفظ الحديث: (لعنتها)، والله تعالى أعلم.


(١) "تفسير القرطبي" (٢/ ١٨٨).
(٢) "أحكام القرآن" (١/ ٥٠).
(٣) "الأذكار" ص (٣١٥).
(٤) أخرجه مسلم (٢١١٧).
(٥) "رفع الملام" ص (٢٢).
(٦) "فتح الباري" (١٢/ ٧٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>