للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

سفيان لا يذكرون هذه الزيادة) فالحافظ وقع فيما انتقد فيه صاحب "العمدة" من إدراجه الزيادة في أصل الحديث، إلا أن يكون قد ألَّف البلوغ قبل "الفتح" والله المستعان.

° الوجه الثاني: قوله: (وإن اليهود تحدث أن العزل الموؤدة الصغرى، قال: "كذبت يهود") ظاهر هذا أنه يعارض ما تقدم في حديث جذامة: ثم سألوه عن العزل، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ذلك الوأد الخفي "وقد جمع بينهما بأوجه، لعل من أحسنها ما ذكره العلامة ابن القيم من أن اليهود ظنت أن العزل لا يتصور معه حمل أصلًا، وجعلوه بمنزلة قطع النسل بالوأد، فأكذبهم النبي - صلى الله عليه وسلم - وأخبر أن العزل لا يمنع الحمل إذا شاء الله خلقه، وإذا لم يرد خلقه لم يكن وأدًا حقيقة، وإنما سَمَّاه وأدًا باعتبار النية والقصد، كما تقدم (١)، قال الشوكاني: (وهذا الجمع قوي) (٢).

° الوجه الثالث: استدل الجمهور ومنهم الأئمة الأربعة بهذين الحديثين على جواز العزل، ووجه الاستدلال: أن قوله في حديث جابر - رضي الله عنه -: (والقرآن ينزل) يفيد إباحة العزل، فإنه لو كان العزل حرامًا ولم يطلع عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - لنزل القرآن بالنهي عنه، وهذا فائدة قول الصحابي - رضي الله عنه -: (والقرآن ينزل) ولهذا قال سفيان: (ولو كان شيئًا ينهى عنه لنهانا عنه القرآن) قال الأصوليون: إن ما وقع في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم يعلم به فإنه لا ينسب إلى سنته، لكنه حجة لإقرار الله تعالى له.

بل إن رواية مسلم التي ذكر الحافظ تفيد أن النبي - صلى الله عليه وسلم - بلغه أنهم يعزلون ولم يصدر منه نهي، فيدل إقرارهم عليه على جوازه؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - لا يقر على باطل.

وقد روي عن عشرة من الصحابة - رضي الله عنهم - أنهم رخصوا في العزل، ولم يروا به بأسًا، منهم سعد بن أبي وقاص، وأبو أيوب، وزيد بن ثابت، وابن


(١) "تهذيب مختصر السنين" (٣/ ٨٥).
(٢) "نيل الأوطار" (٦/ ٢٢٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>