للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عباس، وغيرهم (١).

واشترط الجمهور أن يكون العزل عن الحرة بإذنها، مستدلين بحديث عمر - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن العزل عن الحرة إلا بإذنها (٢)، ولأن لها حقًّا في الولد، ولأن الجماع من حقها؛ إذ الجماع مع العزل، فيه حرمان الزوجة من كمال اللذة ومشاركتها الزوج في التمتع والتلذذ حال الجماع.

وأجابوا عن حديث جُذامة الدال على النهي عن العزل بأن الأحاديث الدالة على الجواز جاءت على خلافه، وهي أحاديث صحيحة صريحة، ومنها حديث جابر - رضي الله عنه - برواياته، ثم إن عددًا من الصحابة - رضي الله عنهم - رخصوا فيه، وهم أعلم منا بفهم النصوص ومقاصد الشريعة، وحديث جذامة ليس صريحًا في المنع، كما سيأتي.

وذهب ابن حزم وجماعة إلى تحريم العزل، لحديث جذامة المتقدم، وأجاب عن أحاديث الجواز بأنها على البراءة الأصلية، وهي الإباحة، وحديث جذامة ناقل عنها، فمن ادعى أنه أبيح بعد ما منع فعليه البيان.

وبهذا يتبين أن سبب الخلاف في حكم العزل هو مجيء أحاديث دالة على الجواز، وأحاديث ظاهرها المنع.

والذي يظهر -والله أعلم- أن الاعتماد على أحاديث الجواز أولى؛ لأن حديث جذامة ليس صريحًا في المنع، فإن العزل ليس وأدًا حقيقة، وإنما سماه وأدًا لقصد العازل ونيته، بخلاف الوأد فإنه اجتمع فيه القصد ومباشرة القتل، ولو كان العزل قتلًا حقيقة لكان من كبائر الذنوب، وعلى هذا فالأظهر أنه سمي بالوأد الخفي للتنفير منه، وليس للتحريم، أو أن هذا كان في أول الأمر، ثم نسخ بما يدل على الإباحة، كما في حديث أبي سعيد وجابر - رضي الله عنهما -.


(١) "السنن الكبرى" للبيهقي (٧/ ٢٣٠ - ٢٣١)، "تهذيب مختصر السنن" (٣/ ٨٥)، "زاد المعاد" (٥/ ١٤٢).
(٢) أخرجه ابن ماجه (١٩٢٨)، وأحمد (١/ ٣٣٩) من حديث عبد الله بن لهيعة، وسنده ضعيف، لضعف ابن لهيعة.

<<  <  ج: ص:  >  >>