للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الزوجة نفسها فإنه في وطء زوجة أخرى من باب أولى، بل قد يكون متعينًا؛ لئلا تتقذره الزوجة الأخرى بعد وطء الأولى.

وقد ورد الاغتسال للمعاودة في حديث أبي رافع - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - طاف على نسائه في ليلة، فاغتسل عند كل امرأة منهن غسلًا، فقلت: يا رسول الله، لو اغتسلت غسلًا واحدًا؟ فقال: "هذا أطهر وأطيب" (١).

فإن قيل: كيف اطلع أبو رافع على هذا الغسل مع أن شأنه الخفاء؟ فالجواب: أنه كان خادمًا للنبي - صلى الله عليه وسلم - إذ ذاك، يأتي له بالماء، وقد ذكره ابن القيم ضمن موالي النبي - صلى الله عليه وسلم - (٢).

° الوجه الرابع: استدل بهذا الحديث من قال: إن القسم بين الزوجات ليس واجبًا على النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولكنه يقسم من قبل نفسه تطييبًا لنفوس زوجاته، ولكمال خلقه، وليتأسى به غيره.

ووجه الاستدلال: أن كونه - صلى الله عليه وسلم - يدور على نسائه في الساعة الواحدة ينافي وجوب القسم عليه. وسيأتي البحث في هذا في باب "القسم" إن شاء الله تعالى.


(١) أخرجه أبو داود (٢١٩)، والنسائي في "الكبرى" (٨/ ٢٠٧)، وابن ماجه (٥٩٠)، وأحمد (٣٩/ ٢٨٨)، وهو حديث ضعيف، في إسناده بعض من لا يعرف حاله -كما يقول ابن رجب- وهو مخالف لحديث أنس المذكور هنا، ولذا قال أبو داود عقب حديث أبي رافع: (حديث أنس أصح من هذا)، وعلى هذا فلا تعارض، لكون حديث أنس أصح، وقد حسنه الألباني، ونقل عن الحافظ أنه قوَّاه. ["صحيح سنن أبي داود" (١/ ٤٣)، "آداب الزفاف" ص (٣٦)]. وهذا فيه نظر، فإن مخالفته تكفي في ردِّه، فكيف إذا كان فيه من لا يعرف حاله؟! وقال آخرون: لا تعارض بين الحديثين؛ لأن تركه - صلى الله عليه وسلم - الغسل بين الجماعين بيانًا للجواز، وتخفيفًا عن الأمة، وفعله لكونه أطيب. ["المنهل العذب المورود" (٢/ ٢٨٤)].
(٢) "زاد المعاد" (١/ ١١٤)، "المنهل العذب المورود" (٢/ ٢٨٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>