للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقبل تسمية المهر لا شيء فيه لقوله تعالى: {لَا جُنَاحَ عَلَيكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ (٢٣٦)} [البقرة: ٢٣٦]، فأوجب الله تعالى المتعة للمطلقة قبل المسيس وهو الجماع، والمراد بها: أن يعطيها الزوج على حسب قدرته ما تتمتع به من كسوة أو غيرها، فدل على أنه لا يفرض لها صداقًا، والمتعة خاصة بالمطلقة بنص القرآن، فلا متعة للمتوفى عنها.

قالوا: والمهر عوض عن الوطء، ولم يقع من الزوج، فلا تستحق المرأة العوض، قياسًا على ثمن المبيع.

وأجابوا عن الحديث: بالاضطراب كما تقدم، وبهذا يتبين أن سبب الخلاف هو القول بصحة الحديث أو ضعفه.

والراجح هو القول الأول، فإن اجتهاد ابن مسعود - رضي الله عنه - في هذه المسألة اجتهاد موافق للدليل، فهو نص في محل النزاع، وما قالوه لا يقاوم هذا الدليل، وأما دعوى الاضطراب، فهي مردودة، كما تقدم.

وأما قولهم: إن المتعة لم ترد إلا للمطلقة، فلا دلالة فيه؛ لأن الكتاب والسنة نفيا مهر المطلقة قبل المسيس والفرض، لا مَهْرَ من مات زوجها عنها، وأحكام الموت غير أحكام الطلاق، فإن العقد لا يفسخ بالموت، وإنما ينتهي به؛ لانتهاء أمده، وهو العمر، فتتقرر جميع أحكامه، ومنها المهر، أما الطلاق فهو قطع للزواج قبل تمامه، فلا يتقرر به شيء.

وأما ما روي عن بعض الصحابة - رضي الله عنهم - فلعله لم يبلغهم الحديث، فهذا ابن مسعود - رضي الله عنه - وهو من فقهاء الصحابة لم يطلع على هذا الحديث، ولم يعلم به فاجتهد، ثم أخبره معقل بن سنان بقضاء النبي - صلى الله عليه وسلم -.

وأما القياس فهو فاسد الاعتبار؛ لأنه في مقابلة نص ثبتت صحته.

° الوجه السابع: في الحديث دليل على أنه يصح النكاح بدون تسمية الصداق، لقوله: (ولم يفرض لها)، وقد دل على هذا قوله تعالى: {لَا جُنَاحَ عَلَيكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>