بما تيسر، وهو أن يعطيها ما تتمتع به من كسوة أو نفقة أو غير ذلك، حسبما يقتضيه العرف وحال الزوج؛ جبرًا لقلبها من فجيعة الطلاق، وتخفيفًا لآلامها، ومواساة لها وتكريمًا، فهو من أنواع الإحسان إليها، وقد جاء تمتيع المطلقة في قوله تعالى: {وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ (٢٤١)} [البقرة: ٢٤١]، وقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالينَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا (٢٨)} [الأحزاب: ٢٨]، وليس للمتعة قدر معين، لقوله تعالى:{عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ}[البقرة: ٢٣٦]، والموسع: الغني، والمقتر: الفقير، فإن توافقا على قدر معين فالأمر واضح، وإن اختلفا اجتهد الحاكم على ضوء هذه الآية الكريمة.
وقد اختلف العلماء في حكم المتعة على ثلاثة أقوال:
الأول: وجوب المتعة لكل مطلقة، سواء طلقت قبل الدخول أم بعده، وسواء فرض لها صداق أم لم يفرض.
وهذا رواية عن الإمام أحمد، اختارها شيخ الإسلام ابن تيمية، وهو مروي عن علي - رضي الله عنه -، وسعيد بن جبير، ورجحه ابن جرير، والحافظ ابن حجر، والشنقيطي (١).
واستدلوا بقوله تعالى: {وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ (٢٤١)} [البقرة: ٢٤١]، ولفظ المطلقات عام، وأكد ذلك بقوله:{حَقًّا}؛ أي: أحقه حقًّا، وأكده بمؤكد ثان وهو قوله:{عَلَى الْمُتَّقِينَ}، وفي الأخرى: {حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ (٢٣٦)} [البقرة: ٢٣٦]، وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالينَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا (٢٨)}، وقد كن مفروضًا لهن ومدخولًا بهن، وقد تقرر في الأصول أن الخطاب الخاص به - صلى الله عليه وسلم - يعم حكمه جميع الأمة، إلا بدليل على تخصيصه به.
والقول الثاني: أن المتعة مستحبة لكل مطلقة على ما تقدم، وهذا قول