للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

كان يقول: (شر الطعام طعام الوليمة، يدعى لها الأغنياء، ويترك الفقراء، ومن ترك الدعوة فقد عصى الله ورسوله) (١). وهذا أوله موقوف، لكن آخره من قبيل المرفوع حكمًا؛ لأن حكم الصحابي على شيء بأنه معصية لله ورسوله لا يكون إلا بنص من الشرع، ولا يجزم الصحابي بذلك إلا وعنده علم به.

° الوجه الثاني: في شرح ألفاظه:

قوله: (عرسًا كان أو نحوه) أي: سواء كانت الدعوة لطعام العرس أو ما أشبهه كطعام العقيقة ونحوها، والعرس: بضم العين وسكون الراء أو ضمها: الزواج، وهو يذكر ويؤنث، والجمع في المذكر: أعراس، مثل قفل وأقفال، وفي المؤنث: عُرْسات، والعرس أيضًا طعام الزِّفاف، وهو مذكر؛ لأنه اسم للطعام، والعرس: وصف يستوي فيه المذكر والمؤنث ما داما في إعراسهما، فيقال: رجل عروس، وامرأة عروس (٢). قال أنس - رضي الله عنه -: (أصبح النبي - صلى الله عليه وسلم - عروسًا بزينب … ) (٣).

قوله: (شر الطعام) الشر: ضد الخير، وشر -هنا - أفعل تفضيل حذفت همزته لكثرة الاستعمال، ومثله (خير)، وتقدم هذا في "عشرة النساء".

وفي رواية لمسلم: (بئس الطعام) وليس المراد بذلك ذم الطعام في ذاته وحاله، وإنما ذم الفعل الذي هو دعاء الأغنياء وترك الفقراء فإلى فعل ذلك توجه الذم لا إلى الطعام.

وطعام الوليمة طعام مخصوص بقصد مذموم، يقل معه الأجر، على كثرة ما فيه من الإنفاق، وذلك أنه إنما يصنع ليدعى له الأغنياء دون المساكين؛ لما في دعاء المساكين من ابتذال المنزل والفرش والمكان، فكان ذلك مما يجعله شر الطعام؛ لأن خير الطعام وأكثره أجرًا ما يدعى إليه المساكين لحاجتهم

إليه، ولما في الصدقة عليهم من سد خلتهم وإشباع جوعتهم.


(١) انظر: "العلل" للدارقطني (٩/ ١١٦).
(٢) انظر: "المصباح المنير" ص (٤٠١).
(٣) تقدم تخريجه قريبًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>