للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

دعي إليها إذا لم يكن فيها منكر ولهو) (١).

ودعوى الاتفاق فيها نظر، وإنما الوجوب هو قول الجمهور، واستدلوا بهذه الأحاديث، وذلك من وجهين:

الأول: صيغة الأمر الذي تجرد عن القرائن، ومقتضاه الوجوب.

الثاني: أنه حكم بالعصيان على من لم يجب الدعوة، ولا يحكم بالعصيان إلا على ترك واجب.

وذهب جماعة من الشافعية والحنابلة إلى أن الإجابة مستحبة، وليست بواجبة، وذكر صاحب "الإنصاف" (٢) أنه اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية، ولم أقف عليه في "الفتاوى" ولا في "الاختيارات" وإنما حكى في "الفتاوى" الوجوب فقط (٣). وصرح صاحب "الهداية" من الحنفية بأنها سنة (٤)؛ لأن الأكل من الوليمة تمليك مال، فلم يجب كغيره، قالوا: ولأن الأصل في الوليمة أنها مندوبة، فيكون الحضور مندوبًا.

وقال بعض الشافعية والحنابلة إجابتها فرض كفاية، إذا قام به البعض سقط الحرج عن الباقين؛ لأن القصد إظهار النكاح، وذلك يحصل بحضور البعض، فكأنهم قصروا حكمتها على إعلان النكاح (٥).

والراجح هو القول الأول، لقوة أدلته، فإنها أحاديث صحيحة وصريحة في الوجوب، قال الشوكاني: (والظاهر الوجوب، للأوامر الواردة بالإجابة من غير صارف لها عن الوجوب، ولجعل الذي لم يُجِبْ عاصيًا … ) (٦).

° الوجه الخامس: أما دعوة غير العرس كالعقيقة والقدوم من السفر ونحو ذلك، ففي حكم إجابتها قولان:

الأول: أن الإجابة مستحبة، وقد عزا ابن حجر هذا القول إلى


(١) "التمهيد" (١٠/ ١٧٠)، "إكمال المعلم" (٤/ ٥٨٩)، "المغني" (١٠/ ١٩٣).
(٢) (٨/ ٣١٨).
(٣) (٣٢/ ٢٠٦).
(٤) (٤/ ٨٠).
(٥) "مغني المحتاج" (٣/ ٢٤٥).
(٦) "نيل الأوطار" (٦/ ٢٠٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>