للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فهذا فيه نظر، والصواب الجواز وعدم الوجوب، وقد ثبت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لأنس - رضي الله عنه - في قصة زواجه - صلى الله عليه وسلم - بزينب - رضي الله عنها -: "ادع لي رجالًا سماهم، وادع لي من لقيت … " الحديث (١).

الشرط الرابع: ألا يكون في الدعوة منكر كلهو وطرب واختلاط وتدخين وخمر، ونحو ذلك من المنكرات، لكن هذا مقيد بما إذا لم يستطع تغيير المنكر، فإنه يحرم حضوره، لعموم قوله تعالى: {وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} [المائدة: ٢] وعموم قوله تعالى: {وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ} [النساء: ١٤٠] وعن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قال: يا أيها الناس إني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يقعدن على مائدة يدار عليه الخمر … " الحديث (٢). وعن أبي مسعود -عقبة بن عمرو- أن رجلًا صنع له طعامًا فدعاه، فقال: أفي البيت صورة؟ قال: نعم، فأبى أن يدخل حتى كسروا الصورة، ثم دخل (٣)، قال الإمام الأوزاعي: (لا ندخل بيتًا فيه طبل ولا مِعزاف) (٤).

فإن كان قادرًا على تغييره بسلطته أو مكانته العلمية في المجتمع فإنه يحضر، ويغير المنكر، لعموم قوله - صلى الله عليه وسلم -: "من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه" (٥)، وهذا هو الواجب على المسلم أن يكون عنده همة عالية وغيرة وقوة، فلا يحقر نفسه عند رؤية المنكر حتى ينفع الله به، وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كل


(١) تقدم تخريجه قريبًا.
(٢) أخرجه أحمد (١/ ٣٧٧) وسنده ضعيف، لكنه يرقى إلى درجة الحسن لغيره بطرقه وشواهده. انظر: "فتح الباري" (٩/ ٢٥٠).
(٣) أخرجه البيهقي (٧/ ٢٦٨) وسنده صحيح، كما قال الحافظ في "فتح الباري" (٩/ ٢٤٩).
(٤) عزاه الألباني في "آداب الزفاف" ص (٩٤) لأبي الحسن الحربي في "الفوائد المنتقاة" (٤/ ٣ / ١) بسند صحيح عنه.
(٥) أخرجه مسلم (٤٩) من حديث أبي سعيد - رضي الله عنه -.

<<  <  ج: ص:  >  >>