للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

° الوجه السادس: ذكر أهل العلم رحمهم الله في هذا المقام شروطًا لوجوب إجابة الدعوة، وهي مأخوذة من عمومات الشريعة ومن قضايا وقعت للصحابة -رضي الله عنهم-، ومن أهم هذه الشروط:

الشرط الأول: أن يكون الداعي مسلمًا، فإن كان كافرًا ودعاك إلى وليمة زواج -مثلًا- لم تجب إجابته، بل تجوز لانتفاء طلب المودة معه، ولأنه يُستقذر طعامه لاحتمال نجاسته، وفساد تصرفه، فإن كانت الدعوة تتعلق بشعائرهم الدينية كالأعياد حرمت إجابته؛ لأن معناها الرضا بشعائرهم وما هم عليه من الكفر والضلال، ولهذا تحرم تهنئتهم.

الثاني: أن يكون الداعي مسلمًا مستقيمًا، فإن كان مجاهرًا بالمعصية وفي هجره وترك إجابته مصلحة لم تجب دعوته، فإن لم يكن في هجره مصلحة، فإنه لا يهجر؛ لأن الأصل تحريم الهجر، لكن إن تحققت المصلحة شرع إما وجوبًا وإما ندبًا.

الثالث: أن يعين الداعي المدعو ويخصه بالدعوة، سواء أكان ذلك عن طريق الكلام المباشر أو عن طريق الهاتف إذا خصه بالدعوة، أو برسول أرسله إليه، ونحو ذلك مما يدل على أنه قصد دعوته وحضوره، بحيث يتأذى لعدم حضوره ويفقده من بين الحاضرين، فإن كانت الدعوة عامة، وهي دعوة الجَفَلَى، لم تجب الإجابة بل تجوز، كما لو قال: ادع من لقيت أو يعطيه مجموعة بطاقات يفرقها ونحو ذلك مما لا يدل على قصد شخص بعينه، لم تجب الإجابة (١)؛ لأن صاحب الطعام لم يعينه ولا عرفه، بل كل واحد غير منصوص عليه، فلا ينكسر قلب الداعي لتخلفه، ولا يسأل عنه لو تخلف، اللهم إلا إن كان قريبًا أو زميلًا ويعرف أنه لو تخلف صار قطيعة أو إخلالًا بحق الزمالة والصداقة، أو كان يعلم أن صاحب الدعوة يُسَرُّ بحضوره، فينبغي له أن يجيب. أما قول بعض الفقهاء إنه إذا عمم الدعوة لم تستحب الإجابة (٢)،


(١) انظر: "القول المفيد عن كتاب التوحيد" (٣/ ١١٣)، "الشرح الممتع" (١٢/ ٣٣١).
(٢) انظر: "المغني" (١٠/ ١٩٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>