للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الوليمة والدعوة، ومن أو لم سبعة أيام ونحوه، ولم يوقِّت النبي - صلى الله عليه وسلم - يومًا ولا يومين) (١). وبهذا قالت المالكية، قال القاضي عياض: (واستحب أصحابنا لأهل السعة كونها أسبوعًا) (٢).

وقد روى ابن أبي شيبة من طريق حفصة بنت سيرين، قالت: (لما تزوج أبي سيرين دعا أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سبعة أيام … ) (٣) وعند عبد الرزاق: (ثمانية أيام) (٤). ولعل هذا محمول على ما سيأتي من أنه فرقهم على سبعة أيام أو ثمانية.

وذهب جماعة من الفقهاء كبعض المالكية وبعض الشافعية، واختاره الصنعاني وابن باز وابن عثيمين، إلى جواز الوليمة في اليوم الثالث إذا كان ثمَّ حاجة؛ كأن يكون المدعوون كثيرين، أو يكون الوقت غير مناسب لجمعهم في يوم واحد، إما لضيق المكان، أو لأسباب أخرى، فيفرقهم على ثلاثة أيام أو أربعة، أو يكون للداعي أقارب لم يحضروا إلا في اليوم الثالث، ونحو ذلك من الأعذار (٥).

وهذا القول هو أرجح الأقوال، وبه تجتمع الأدلة؛ لأنه إذا وجد عذر من هذه الأعذار لم يكن فيه إسراف ولا مباهاة، والغالب في زماننا هذا أنه لا حاجة إلى الوليمة مرة ثانية، والأحوط هو الاكتفاء بأول يوم؛ للبعد عن الإسراف الذي غلب على الناس في جميع شؤون حياتهم، والله المستعان.

لكن ينبغي لمن أجاب أن يقتصر على الإجابة الأولى، لئلا يكون في تكرار حضوره دناءة، إلا إن كان هناك سبب خاص تنتفي معه الدناءة فلا بأس؛ كأن يكون قريبًا، أو يُسَرُّ صاحب الدعوة بحضوره. والله تعالى أعلم.


(١) انظر: "المتواري" لابن المنيِّر ص (٢٨٧)، "مناسبات تراجم البخاري" لابن جماعة ص (٩٩)، "فتح الباري" (٩/ ٢٤٠).
(٢) "إكمال المعلم" (٤/ ٥٨٨).
(٣) "المصنف" (٤/ ٣١٣).
(٤) "المصنف" (١٠/ ٤٤٨).
(٥) "جواهر الإكليل" (١/ ٣٢٥)، "نهاية المحتاج" (٦/ ٣٧٣)، "سبل السلام" (٣/ ٢٧٨)، "الشرح الممتع" (١٢/ ٣٣٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>