للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

للغذاء، وأيضًا فإنها تميل ولا تبقى منتصبة، فلا يصل إليها الغذاء بسهولة، وهذا لا يخلو من مضرة (١).

فالأَوْلى والأفضل أن يكون معتدلًا في جلوسه لا مائلًا؛ حتى ينحدر الطعام والشراب انحدارًا سهلًا.

وذكر الخطابي أن المتكئ في هذا الحديث هو المعتمد على الوطاء الذي تحته، وكل من استوى قاعدًا على وطاء فهو متكئ. والمعنى على هذا أني إذا أكلت لم أقعد على الأوطئة والوسائد فعل من يريد أن يستكثر من الأطعمة، ويتوسع في الألوان، ولكني آكل عُلْقَةً، وآخذ من الطعام بُلغة، فيكون قعودي له مستوفزًا … (٢).

وتفسير الخطابي للاتكاء وأنه التربع على وطاء والاستواء عليه، تبعه عليه جماعة ومنهم ابن الأثير (٣)، وهذا التفسير محل نظر، فقد ذكر بعض أهل العلم أنه لا يعرف في كتب اللغة تفسير الاتكاء بهذا المعنى (٤)، وقد يدل على ذلك حديث أبي بكرة - رضي الله عنه - وفيه: (وكان متكئًا فجلس).

والمسألة تحتاج إلى مزيد عناية وبحث في كتب أهل اللغة، لمعرفة إطلاق الاتكاء على التربع، فيكون كلام الخطابي متجهًا، وإلا فالمعول على المشهور وهو التفسير الأول، وقد جزم ابن الجوزي بأن الاتكاء هو الميل على أحد الشقين، ولم يلتفت لإنكار الخطابي ذلك (٥).

وقد قال الشيخ عبد العزيز بن باز إلى أن التربع ليس داخلًا في معنى الاتكاء، واستظهر هذا الشيخ محمد بن عثيمين (٦).

ولم يأت في الأكل حال الاتكاء نهي صريح، ولهذا لم يجزم البخاري


(١) "النهاية" (١/ ١٩٣)، "زاد المعاد" (٤/ ٢٢١).
(٢) "معالم السنن" (٥/ ٣٠١).
(٣) "النهاية" (١/ ١٩٣).
(٤) "شرح المناوي على الشمايل" ص (٢٢٧).
(٥) "كشف المشكل من حديث الصحيحين" لابن الجوزي (١/ ٤٣٩).
(٦) "الشرح الممتع" (١٢/ ٣٧٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>