للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

° الوجه الخامس: في الحديث دليل على وجوب الأكل باليد اليمنى على الراجح من قولي أهل العلم؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر عمر بن أبي سلمة أن يأكل بيمينه مع أنه غلام صغير، والأصل في الأمر الوجوب، ولم يأت ما يصرفه عن ذلك، وسيأتي مزيد بيان عند شرح حديث جابر - رضي الله عنه -.

° الوجه السادس: في الحديث دليل على وجوب أكل الإنسان مما يليه إذا كان يأكل معه أحد؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر عمر بن أبي سلمة أن يأكل مما يليه، مع أنه غلام صغير، والأصل في الأمر الوجوب، ولم يأت ما يصرفه عن ذلك، ولأن أكل الإنسان مما يلي غيره فيه تعدٍّ على ما ليس بحوزته، مع ما فيه من تقذر النفس مما خاضت فيه الأيدي، ولأن فيه إظهار الحرص والنهم وسوء الأدب مع غيره.

وقد حمل العلماء هذا الحديث على ما إذا كان الطعام نوعًا واحدًا، فإن كان أنواعًا كالفاكهة وأنواع التمر ونحو ذلك، فلا بأس أن يأخذ مما لا يليه، وإن استأذن فهو أحسن؛ لأنه من كمال الأدب (١).

ويستثنى من هذا ما إذا علم الآكل رضا من يشاركه، فإن تبين له رضاه فلا بأس في أكله مما يليه، لما ثبت في حديث أنس - رضي الله عنه - أن خياطًا دعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لطعام صنعه، قال أنس - رضي الله عنه -: (فذهبت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فرأيته يتتبع الدُّبَّاء من حوالي القصعة، قال: فلم أزل أُحب الدُّبَّاء من يومئذ) (٢). وقد ترجم البخاري على هذا الحديث بقوله: (باب من تتبع حوالي القصعة مع صاحبه إذا لم يعرف منه كراهية) (٣)، وكأن هذا فيه إشارة إلى الجمع بين حديث أنس وحديث عمر بن أبي سلمة -رضي الله عنهما-، والحديث قد دلَّ على أن أنسًا - رضي الله عنه - قد أكل مع النبي - صلى الله عليه وسلم -.

والدُّباء: بضم الدال المشددة نوع من القَرَعِ، وهو اليقطين (٤).


(١) "الشرح الممتع" (١٢/ ٣٦١).
(٢) أخرجه البخاري (٥٣٧٩)، مسلم (٢٠٤١).
(٣) "فتح الباري" (٩/ ٥٢٤).
(٤) "زاد المعاد" (٤/ ٤٠٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>