للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأصرح ما ورد في صفة التسمية ما جاء في حديث عائشة - رضي الله عنها - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا كل أحدكم فليذكر اسم الله تعالى، فإن نسي أن يذكر اسم الله تعالى في أوله فليقل: بسم الله أولَه وآخرَه" (١).

وظاهر الحديث أنه يقتصر على قوله: (بسم الله) لكن لو زاد (الرحمن الرحيم) فلا بأس، بل قد ذكر النووي أن هذا هو الأفضل (٢)، ومثله نقل ابن مفلح عن شيخ الإسلام ابن تيمية (٣)، لكن تعقب الحافظ ابن حجر هذا القول بأنه لم يَرَ دليلًا على ذلك (٤).

وقد اختلف أهل العلم فيما إذا كانوا جماعة وسمى واحد منهم هل يكفي عن الباقين؟ نص الشافعي على إجزاء تسمية الواحد عن الباقين، وجعله بعض فقهاء الشافعية كرد السلام وتشميت العاطس (٥)، وعللوا لذلك أيضًا بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أخبر أن الشيطان إنما يتمكن من الطعام إذا لم يذكر اسم الله تعالى عليه، ولأن المقصود يحصل بواحد، ومال ابن القيم إلى أنه لا يكفي تسمية بعض الآكلين، لحديث عائشة - رضي الله عنها - قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأكل طعامًا في ستة من أصحابه، فجاء أعرابي فأكله بلقمتين، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أما إنه لو سمى لكفاكم" (٦) - ومن المعلوم أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - ومن معه قد سموا، فلما جاء هذا الأعرابي فأكل ولم يسمِّ شاركه الشيطان، فأكل الطعام بلقمتين، ولو سمى لكفى الجميع (٧).

وهذا هو الراجح، ومما يؤيده أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال للغلام: "سم الله" ولو كانت فرض كفاية لاكتفى النبي - صلى الله عليه وسلم - بتسميته، على أنه قد يقال: إن المراد بذلك التعليم، لكن ظواهر الأدلة تؤيد هذا القول.


(١) رواه أبو داود (٣٧٦٧)، والترمذي (١٨٥٩) وقال: (حديث حسن صحيح)، ولعل هذا بالنظر إلى شواهده، كما حققه الألباني في "الإرواء" (٧/ ٢٤).
(٢) "الأذكار" ص (٢٠٧).
(٣) "الفروع" (٥/ ٣٠٠).
(٤) "فتح الباري" (٩/ ٥٢١).
(٥) انظر: "الأذكار" ص (٣٧٤).
(٦) رواه الترمذي (٨١٥٩)، وقال: (هذا حديث حسن صحيح).
(٧) "زاد المعاد" (٢/ ٣٩٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>