للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مقدور الزوج، وتجنب الميل يستلزم التسوية حتى لا يكون مائلًا إلى إحداهما.

والقول الثاني: أنه لا يجب على الزوج التسوية بين زوجاته في النفقة والكسوة إذا قام بالواجب لكل واحدة منهن، وهذا مذهب الحنابلة والشافعية والمالكية؛ لأن التسوية بينهن في النفقة تشق، إلا أن الشافعية والحنابلة قالوا: الأولى أن يسوي بينهن؛ لأن ذلك أبلغ في العدل (١).

والصواب في هذا أن الزوج مطالب بالعدل بين زوجاته في كل شيء يقدر عليه، وفي هذا من المصالح ما لا يخفى، فإن في العدل التأسي بالنبي - صلى الله عليه وسلم -، وفي العدل حسن العشرة وسلامة الصدور وراحة الزوج، وعدم العدل يوغر الصدور بين الزوجات، ويجعل الحياة الزوجية في نكدٍ.

قال ابن تيمية: (وأما العدل في النفقة فهو السنة أيضًا، اقتداء بالنبي - صلى الله عليه وسلم - فإنه كان يعدل بين أزواجه في النفقة … وتنازعوا في العدل في النفقة هل هو واجب، أو مستحب؟ ووجوبه أقوى وأشبه بالكتاب والسنة) (٢).

والذي يظهر -والله أعلم- أن العدل في النفقة معناه: أن ينفق على كل واحدة من زوجاته بقدر حاجتها وحاجة أولادها بالمعروف، إن كان عندها أولاد، ولهذا قال النبي - صلى الله عليه وسلم - في خطبته في حجة الوداع: "ولهن رزقهن وكسوتهن بالمعروف" وهذا هو العدل، لكن لو اشترى لواحدة شيئًا ينقص بيتها وهو موجود عند الأخرى كالغسالة أو الثلاجة ونحوهما، ولم يمكن إصلاحها لم يلزمه أن يشتري للأخرى مثلها؛ لما في ذلك من المشقة، ولما يترتب عليه من الإسراف، وقد ورد عن الإمام أحمد ما يدل على ذلك (٣). والله تعالى أعلم.


(١) "الإنصاف" (٨/ ٣٦٤)، "الشرح الكبير بحاشية الدسوقي" (٢/ ٣٣٩)، "نهاية المحتاج" (٦/ ٣٨٠).
(٢) "الفتاوى" (٣٢/ ٢٧٠).
(٣) "المغني" (١٠/ ٢٤٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>