للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والصحابي يقصد بهذا اللفظ نقل الشريعة، فكان إسناد ذلك إلى الأصل أولى من إسناده إلى التابع، والله أعلم (١).

ولذا قال أبو قلابة راويه عن أنس -على ما في البخاري-: (لو شئت لقلت: إن أنسًا رفعه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -) ومعناه: أن هذه اللفظة وهي قوله: (من السنة) صريحة في رفعه، فلو شئت أن أقولها بناء على الرواية بالمعنى لقلتها، ولو قلتها لكنت صادقًا، إلا أن المحافظة على قول أنس أولى، وقد روى هذا الحديث عن أنس جماعة، وقالوا فيه: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (٢). لكن فيه فرق بين (من السنة كذا) وبين رفعه؛ لأن قوله: إنه رفعه، نص في رفعه، وقوله: (من السنة) يقتضي أن يكون مرفوعًا بطريق اجتهادي محتمل.

قوله: (البكر والثيب) تقدم معناهما عند الحديث (٩٨٧).

قوله: (سبعًا) أي: سبع ليال؛ لأن عماد القسم هو الليل، ويدخل فيها الأيام، وقد ورد في رواية: (سبعة أيام) وقاعدة تأنيث العدد وتذكيره إنما هي إذا ذكر المعدود، أما عند حذفه فيجوز الأمران مطلقًا، قال تعالى: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} [البقرة: ٢٣٤]، وتقدم -في الصيام- حديث: "من صام رمضان وأتبعه ستًّا من شوال" أي: ستة أيام (٣).

قوله: (ثم قسم) أي: دار على نسائه ليلة ليلة، أو أكثر حسب الاتفاق.

° الوجه الثالث: الحديث دليل على إيثار الزوجة الجديدة على الأولى، فإن كانت بكرًا أقام عندها سبعًا، وإن كانت ثيبًا أقام عندها ثلاثًا؛ لأن هذا حق لها بسبب الزفاف، وهذا من المعروف الذي أمر الله تعالى به في قوله سبحانه: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [النساء: ١٩] وما دل عليه الحديث من أن للبكر


(١) "النكت على ابن الصلاح" لابن حجر (٢/ ٥٢٥).
(٢) "سنن الدارمي" (٢/ ١٤٤)، "سنن الدارقطني" (٣/ ٢٨٣)، "السنن الكبرى" (٧/ ٣٠١).
(٣) انظر: "تفسير البحر المحيط" (٢/ ٢٣٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>