للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قوله: (وهبت يومها لعائشة) أي: تنازلت عن نوبتها لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - لتكون هذه النوبة لعائشة - رضي الله عنها - مع نوبتها الثابتة لها، ولم يبين في هذه الرواية سبب هذه الهبة، لكن جاء في رواية عند البخاري من طريق الزهري، عن عروة، عن عائشة - رضي الله عنها -: (وهبت يومها وليلتها لعائشة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - تبتغي بذلك رضا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) (١). وفي رواية لمسلم: (لما كبرت جعلت يومها من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لعائشة … ). وعند أبي داود من حديث عائشة الآتي: (كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يفضل بعضنا على بعض في القسم … وفيه: ولقد قالت سودة بنت زمعة حين أسنَّت وفَرِقَتْ أن يفارقها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: يا رسول الله، يومي لعائشة، فقبل ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - منها، قالت: نقول في ذلك أنزل الله تعالى وفي أشباهها أُراه قال: {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا} [النساء: ١٢٨]) (٢).

وهذا فيه بيان سبب الهبة وأنها - رضي الله عنها - خافت لما كبر سنها أن يفارقها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فوهبت يومها لعائشة على أن تبقى معه، وتبقى مع نسائه يوم القيامة، كما جاء في رواية ابن سعد (٣).

لكن اعتبار قصة سودة هي سبب نزول الآية فيه نظر، فإنه مخالف لحديث عائشة - رضي الله عنها - الآتي الذي يفيد العموم، ثم إن الحديث من رواية عبد الرحمن بن أبي الزناد عن هشام بن عروة -كما سيأتي- وقد تفرد بذلك من بين أصحاب هشام (٤).

° الوجه الثالث: في الحديث دليل على جواز تنازل المرأة عن حقها في القسم وهبة نوبتها لضرتها إذا رضي الزوج بذلك؛ لأن له حقًّا في الزوجة، وليس لها أن تسقط حقه منها إلا برضاه، وهذا أمر مجمع عليه (٥)؛ لأن سودة - رضي الله عنها - وهبت قسمها لعائشة -رضي الله عنها-، فقبل النبي - صلى الله عليه وسلم - ذلك، فكان يقسم لعائشة يومين، يومها، ويوم سودة الذي وهبته لها، واختارت سودةُ عائشةَ - رضي الله عنها - لأنها


(١) "صحيح البخاري" (٢٥٩٣).
(٢) "سنن أبي داود" (٢١٣٥).
(٣) "الطبقات" (٨/ ٥٤).
(٤) "نيل الأوطار" (٦/ ٢٤٦ - ٢٤٧).
(٥) انظر: "المحرر في أسباب النزول" (١/ ٤٤٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>