للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

يسرحها فلا يظلمها من حقها شيئًا) (١).

وعلى هذا ففراق الخلع المذكور لم يُرد منه إلا بيان مشروعية الخلع عند وجود سببه، وتكون الآية قد تضمنت حكم الافتداء على أنه شيء يلحق جميع أنواع الطلاق، لا أنه شيء غير الطلاق؛ لأنه ذُكر بعد الطلقة الثالثة، وقوله: {فَإِنْ طَلَّقَهَا} إنما كرره ليرتب عليه ما يلزم بعد الثالثة الذي هو: {فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيرَهُ}.

٢ - الجواب الثاني: بالتسليم، وهو أنه لو قلنا: إن الطلقة الثالثة هي المذكورة في قوله تعالى: {فَإِنْ طَلَّقَهَا} لم يلزم منه عدم عدِّ الخلع طلاقًا؛ لأن الله تعالى ذكر الخلع في معرض منع الرجوع فيما يعطيه الزوج زوجته، فاستثنى منه صورة جائزة، ولا يلزم من ذلك عدم اعتبارها طلاقًا، كما هو ظاهر سياق الآية.

الثاني: أما الاستدلال برواية العدة بحيضة، فلا ملازمة بين الفسخ والاعتداد بحيضة، ومما يوضح ذلك أن الإمام أحمد يقول -في أشهر الروايتين عنه-: إن الخلع فسخ لا طلاق، ويقول -في أشهر الروايتين عنه-: إن عدة المختلعة ثلاثة قروء كالمطلقة، فظهر عدم الملازمة عنده.

الثالث: أما ألفاظ المفارقة الواردة في بعض الروايات فالمراد بها الطلاق في مقابلة العوض، بدليل التصريح في الرواية الأخرى بذكر التطليقة، والروايات يفسر بعضها بعضًا.

أما القائلون بأن الخلع فسخ لا طلاق، فأجابوا عن لفظة: (وطلقها تطليقة) بأنه لا يحتج بها، لقول البخاري بعدها: (لا يُتابع فيه عن ابن عباس) أي: لا يتابع أزهر بن جميل على ذكر ابن عباس - رضي الله عنهما - في هذا الحديث؛ لأنه خالف الثقات، وهو يُغرب -كما في التقريب- ولأن الحديث مروي عن ابن عباس من طريقين بدون ذكر الطلاق، كما ذكر البخاري في "صحيحه" بعد


(١) "تفسير الطبري" (٤/ ٥٤٢)، "فتح الباري" (٩/ ٣٩٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>