للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

تطليقة) قالوا: فإذا كان الخلع طلاقًا فالعدة عدة مطلقة، قال تعالى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة: ٢٢٨].

الثاني: أنها لا تعتد وإنما تستبرئ بحيضة، فإذا حاضت واحدة انتهت عدتها، وهذا قول عثمان - رضي الله عنه -، فقد قضى به، كما أخرجه النسائي وابن ماجه (١). وبه قال عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما -كما أخرجه أبو داود (٢). وهو قول ابن عباس وإسحاق بن راهويه وأحمد في رواية عنه، واختارها شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم (٣). واختاره الشيخ عبد العزيز بن باز.

واستدل هؤلاء برواية أبي داود والترمذي المذكورة: (أن امرأة ثابت بن قيس اختلعت من زوجها، فجعل النبي - صلى الله عليه وسلم - عدتها حيضة).

وهذا القول هو الراجح؛ لقوة دليله؛ فإنه صريح في المراد، وليس مع من قال: تعتد كالمطلقة إلا لفظة: (وطلقها) ولم يرد أنه أمرها أن تعتد بثلاث حيض، ثم إن المختلعة تشبه الجارية المشتراة بجامع العوض في كل.

وأما قوله تعالى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ … } فلا يقتضي أن المختلعة تعتد بثلاث، ولو قلنا إن الخلع طلاق؛ لأن الله تعالى قال في آخرها: {وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ} [البقرة: ٢٢٨]. وقد تقدم أن المختلعة لا رجعة له عليها، لكن يرد على هذا أن المطلقة ثلاثًا لا رجعة عليها ومع ذلك تعتد كالمطلقة، وهنا جوابان:

الأول: بالتسليم، فيقال: إن المطلقة ثلاثًا لا يجب عليها ثلاثة قروء، بل تستبرئ بحيضة، والآية تشملها بعمومها المذكور في صدرها. وقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (إن كان من العلماء من قال بالاستبراء فهذا له وجه قوي) (٤).

وقد ذكر صاحب "الاختيارات" (٥): أنه نُقِلَ عن ابن اللبان الفرضي -وهو


(١) "السنن" (٦/ ١٨٦)، "سنن ابن ماجه" (٢٠٥٨) وسنده صحيح لشواهده.
(٢) "السنن" (٢٢٣٠) وسنده صحيح.
(٣) "زاد المعاد" (٥/ ٦٧٧).
(٤) "الفتاوى" (٣٢/ ٣٤٢).
(٥) ص (٢٨٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>