للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وقد حكم الأئمة على هذه الزيادة بأنها منكرة (١) لأمرين:

الأول: أن مدارها على ابن جريج عن أبي الزبير، وقد خالف أبو الزبير جميع من رووا الحديث عن ابن عمر، ولم يذكروا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يرها شيئًا، ومن هؤلاء نافع مولى ابن عمر، وسالم ابن عمر، وسعيد بن جبير، ويونس بن جبير، وأنس بن سيرين، ولو أن أبا الزبير خالف نافعًا وحده، أو سالمًا وحده لم يقبل منه، فكيف وقد خالف اثنى عشر حافظًا، كلهم لم يذكروا هذه الزيادة (٢)؟ قال أبو داود: (الأحاديث كلها على خلاف ما قال أبو الزبير). وقال الشافعي: (نافع أثبت عن ابن عمر من أبي الزبير، والأثبت من الحديثين أولى أن يقال به إذا تخالفا، وقد وافق نافعًا غيره من أهل التثبيت في الحديث) (٣). وقال ابن عبد البر: (أبو الزبير ليس بحجة فيما خالفه فيه مثله، فكيف بخلاف من هو أثبت منه؟) (٤). وقال الذهبي: (أبو الزبير صدوق مشهور، اعتمده مسلم، وروى له البخاري متابعة، تكلم فيه شعبة) (٥).

الأمر الثاني: أنه قد اختلف على ابن جريج في ذكر هذه الزيادة، فلم ترد في رواية مسلم من طريق حجاج بن محمَّد وأبي عاصم -كما تقدم- وإنما جاءت في رواية أبي داود من طريق عبد الرزاق، ورواية أحمد من طريق روح بن عبادة -كما تقدم أيضًا- ولا شك أن روايته الموافقة لرواية الجماعة في عدم ذكرها أولى أن تكون هي المحفوظة.

واعلم أن حديث ابن عمر هذا حديث جليل، ورد بألفاظ متعددة، وطرق مختلفة، وفيه مسائل كثيرة من مسائل الطلاق وغيره، وهو جدير بأن يفرد في مصنف مستقل، قال ابن العربي: (هذا الحديث أصل في الطلاق


(١) انظر: "سنن أبي داود" (٢١٨٥)، "التمهيد" (١٥/ ٦٥)، "معالم السنن" (٣/ ٩٦).
(٢) انظر: "موسوعة أحكام الطهارة" (٧/ ٤٧٣).
(٣) "اختلاف الحديث" ضمن كتاب "الأم" (١٠/ ٢٦٢).
(٤) "التمهيد" (٦٥/ ١٥).
(٥) "المغني" (٢/ ٣٧٣)، "تهذيب التهذيب" (٩/ ٣٩٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>