للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وإن طهرت لدون أكثره فلا بد من الغسل أو التيمم عند عدم الماء، وهذا قول أبي حنيفة، وأقل مدة الحيض عنده ثلاثة أيام، وأكثره عشرة أيام، وعللوا لذلك بأنها إذا طهرت لأكثر الحيض حكم عليها بانقطاعه، بخلاف إذا طهرت لدون أكثره فإنا لا نحكم بانقطاعه حتى تغتسل أو تتيمم (١).

والقول الثاني هو الأظهر، لقوة دليله.

* الوجه الثالث عشر: في الحديث دليل على تحريم الطلاق في طهر جامعها فيه، لقوله: "وإن شاء طلق قبل أن يمسَّ" أي: قبل أن يجامعها، وقد جاء التصريح به في إحدى روايات مسلم: "فإن أراد أن يطلقها فليطلقها حين تطهر من قبل أن يجامعها، فتلك العدة التي أمر الله أن تطلق لها النساء"، ووجه التحريم أنه قد يحصل من هذا الجماع حمل فيندم الزوجان أو أحدهما، ولو علما بالحمل لأحسنا العشرة، وحصل الاجتماع بعد الفرقة والنفرة.

ويستثنى من تحريم الطلاق في الطهر الذي جامعها فيه ما إذا ظهر حملها، فإن ظهر حملها لم يحرم طلاقها، لقوله -كما في رواية مسلم-: "ثم ليطلقها طاهرًا أو حاملًا"؛ لأنه إذا ظهر حملها يكون قد أقدم على الطلاق على بصيرة فلا يندم، ولأن زمن الحمل زمن الرغبة في الوطء، وفي المرأة لمكان ولده منها، فإقدامه على الطلاق في هذا الحال يدل على احتياجه لذلك، وكل هذا مفرَّعٌ على القول بثبوت لفظة (أو حاملًا) وقد تقدم ما فيها.

وقد اختلف العلماء في حكم رجعتها إذا طلقها في طهر جامعها فيه، وهو شبيه بالخلاف في حكم مراجعتها في طلاق الحيض. والله تعالى أعلم.


(١) انظر: "بدائع الصنائع" (١/ ٤٠)، "المغني" (١٠/ ٣٣٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>