للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

الثاني أمر إرشاد وندب، والصارف له الحديث الأول، ولا ريب أن التأخير للطهر الثاني ملائم للمقاصد الشرعية من وجهين:

١ - أنه لو طلق عقب تلك الحيضة لكان قد راجعها ليطلقها، وهذا عكس مقصود الرجعة، فإن الله تعالى إنما شرع الرجعة للإمساك ولَمِّ شَعَثِ النكاحِ، ولهذا ورد في بعض الروايات أمره بأن يمسَّها (١).

٢ - ليطول مقامه معها، فلعله يجامعها، فيذهب ما في نفسه من سبب طلاقها؛ فيمسكها؛ لأن الحيض وقت رغبة عن المرأة (٢).

* الوجه الثاني عشر: اختلف العلماء في وقت الطلاق إذا طهرت من الحيض هل هو بعد انقطاع دم الحيض أو لا بد من اغتسالها، على أقوال ثلاثة، وسبب الخلاف معنى قوله - صلى الله عليه وسلم -: "ثم ليطلقها طاهرًا":

الأول: أن المراد بالطهر انقطاع الدم، وهذا قول الشافعي، والمشهور من مذهب أحمد (٣)؛ لأن انقطاع دم الحيض دليل على الطهر ولو لم تغتسل فهي في حكم الطاهرات، بدليل وجوب الصلاة في ذمتها، وصحة صومها، وعلى هذا القول فيجوز طلاقها بانقطاع الدم مباشرة ولو لم تغتسل.

الثاني: أن المراد بالطهر التطهر بالغُسل، وهذا قول المالكية، وقول في مذهب أحمد (٤).

واستدلوا بما رواه النسائي من طريق عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن عبد الله أنه طلق امرأته … وفيه: "فإذا اغتسلت من حيضتها الأخرى فلا يمسها حتى يطلقها … " وهذا مفسر لقوله: "فإذا طهرت" فيجب حمله عليه (٥).

القول الثالث: أنها إن طهرت لأكثر الحيض حل طلاقها بانقطاع الدم،


(١) انظر: "طرح التثريب" (٧/ ٩٠).
(٢) المصدر السابق.
(٣) "المغني" (١٠/ ٣٣٦)، "روضة الطالبين" (٨/ ٩).
(٤) "المدونة" (٢/ ٧٠)، "الكافي"لابن قدامة (٣/ ١٩٥).
(٥) "فتح الباري" (٩/ ٣٥٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>