للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

* الوجه العاشر: استدل العلماء بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "مره فليراجعها" على أن الرجعة لا تفتقر إلى رضا المرأة ولا وليها، ولا تحتاج إلى تجديد عقد؛ لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أمره بمراجعتها، وأطلق له ذلك، فلم يشترط شيئًا آخر (١).

* الوجه الحادي عشر: دل الحديث على أنه إذا طلق في الحيض ثم راجعها أنه ينتظر إلى الطهر الثاني، لقوله: "ثم ليتركها حتى تطهر، ثم تحيض، ثم تطهر، ثم إن شاء أمسك بعد، وإن شاء طلق … " ودلت الروايات الأخرى المذكورة على أن له أن يطلق في الطهر الأول بعد الحيضة التي طلقها فيها وراجعها، ولا يلزمه أن ينتظر إلى الطهر الثاني، وقد اختلف العلماء في حكم الانتظار للطهر الثاني على قولين:

الأول: أنه يلزمه الانتظار للطهر الثاني، ولا يجوز أن يطلق في الطهر الأول، وهذا مذهب أبي حنيفة في ظاهر الرواية عنه، وهو قول مالك، والأصح في مذهب الشافعي، والمشهور في مذهب الحنابلة (٢)، واستدلوا: بما تقدم من أنه - صلى الله عليه وسلم - أذن له أن يطلق بعد أن تطهر من تلك الحيضة، ثم تحيض ثم تطهر.

والقول الثاني: أن الانتظار للطهر الثاني مندوب وليس بواجب، فيجوز له أن يطلق في الطهر الذي يلي الحيضة التي طلق فيها، وهذا رواية عن أبي حنيفة، ووجه في مذهب الشافعي، ورواية عن أحمد (٣)، واستدلوا بالروايات التي مفادها جواز الطلاق في الطهر الذي يلي الحيضة التي وقع الطلاق فيها، كما في رواية مسلم المتقدمة: "إذا طهرت فليطلقها أو ليمسك"، وقوله: "ثم ليطلقها طاهرًا أو حاملًا".

وهذا القول هو الأظهر إعمالًا للحديثين، فيكون الأمر بالانتظار للطهر


(١) "معالم السنن" (٣/ ٩٣).
(٢) "حاشية ابن عابدين" (٣/ ٣٤٦)، "المدونة" (٢/ ٧٠)، "روضة الطالبين" (٨/ ٤)، "الإنصاف" (٨/ ٤٥١).
(٣) المصادر السابقة.

<<  <  ج: ص:  >  >>