للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

"الطلاق"، باب (الثلاث المجموعة وما فيه من التغليظ) (٦/ ١٤٢ - ١٤٣) من طريق مخرمة، عن أبيه، قال: سمعت محمود بن لبيد قال: … فذكر الحديث. قال النسائي: (لا أعلم أحدًا روى هذا الحديث غير مخرمة) (١).

وهذا الحديث رجاله موثقون، قال عنه ابن كثير: (إسناده جيد قوي)، لكنه أعل بعلتين:

الأولى: أنه مرسل؛ لأنه لا يثبت لمحمود بن لبيد سماع من النبي - صلى الله عليه وسلم - وإن كانت ولادته في حياة النبي - صلى الله عليه وسلم -.

الثانية: أنه منقطع، فإن مخرمة بن بكير بن عبد الله بن الأشج لم يسمع من أبيه شيئًا لصغر سنه، وإنما روى عنه وجادة، وهو كتاب أبيه، كما قاله عدد من الأئمة؛ كأحمد وابن معين وابن حبان وغيرهم، قال الدارقطني: (قال حماد بن خالد: سألت مخرمة، أسمعت من أبيك شيئًا؟ قال: لا).

وأجيب عن العلة الأولى بأنه ورد ما يدل على ثبوت صحبة محمود بن لبيد، فقد روى أحمد بسنده عن محمود بن لبيد أخي بني عبد الأشهل قال: أتانا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فصلى بنا المغرب في مسجدنا، فلما سلم منها، قال: "اركعوا هاتين الركعتين في بيوتكم" للسُّبْحَةِ بعد المغرب (٢).

وهذا يفيد صحة سماعه من النبي، وهو صحابي صغير، وجُلُّ روايته عن الصحابة، كما قال الحافظ، فالظاهر أن هذا من مراسيله، وغاية ما في الأمر أن يكون حديثه -إذا لم يثبت سماعه من النبي - صلى الله عليه وسلم - من مراسيل الصحابة، ومراسيل الصحابة حجة. وعلى هذا فيكون حديثه حجة عند عامة أهل العلم.

وأما العلة الثانية فأجيب عنها بجوابين:

الأول: أن جماعة من الأئمة أثبتوا سماع مخرمة من أبيه؛ كابن المديني، فإنه قال: (سمع من أبيه قليلًا)، وأثنى عليه الإِمام مالك، فقال: كان رجلًا صالحًا، ورَوَى عنه أنه كان يحلف أنه سمع من أبيه. ومخرمة


(١) "السنن الكبرى" (٥/ ٢٥٢).
(٢) رواه أحمد (٣٩/ ٣٥) وسنده حسن.

<<  <  ج: ص:  >  >>