للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ثقة (١)، قال ابن القيم: (ويكفي أن مالكًا أخذ كتابه، فنظر فيه، واحتج به في "موطئه"، وكان يقول: حدثني مخرمة، وكان رجلًا صالحًا) (٢).

والمثبت -في مثل هذه الحال- مقدم على النافي.

الثاني: سلمنا أنه لم يسمع من أبيه وإنما روى عنه وجادة، ومثل هذا لا يضر، ولا يضعف روايته؛ لأنه كان عنده كتاب أبيه، وهذه وجادة تشبه السماع أو تكون أقوى منه، وقد أخرج مسلم بعض روايته عن أبيه، وهذه أمارة صحتها (٣). قال ابن القيم: (إن كتاب أبيه كان عنده محفوظًا مضبوطًا، فلا فرق في مقام الحجة بالحديث بين ما حدثه به أو رواه في كتابه، بل الأخذ عن النسخة أحوط، إذا تيقن الراوي أنها نسخة الشيخ بعينها، وهذه طريقة الصحابة والسلف. . .) (٤). قال الألباني: (هو أعرف بحديث أبيه من غيره) (٥).

* الوجه الثالث: في الحديث دليل على النهي عن جمع الطلاق الثلاث بكلمة واحدة بأن يقول: هي طالق طالق طالق، ونحو ذلك؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - غضب لذلك، وقال: "أيلعب بكتاب الله" أي: أيستهزأ بكتاب الله تعالى ويستخف بتطبيق أحكامه وأنا حي بينكم؟! وهذا يدل على أن الناس في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كانوا يعملون بما أمر الله به فيطلقون طلقة واحدة يستقبلون بها عدة النساء، وإن كان وقع تطليق الثلاث من أشخاص لكنها محتملة، ولهذا غضب النبي - صلى الله عليه وسلم - لما بلغه أن هذا الرجل طلق امرأته ثلاث تطليقات جميعًا.

والمراد بكتاب الله: قوله تعالى: {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} [البقرة: ٢٢٩] ومعناه: أن الطلاق الشرعي يكون مرة بعد مرة على التفريُق، دون الجمع والإرسال مرة واحدة، وأن الزوج له بعد المرة الثانية أن يمضي الطلاق، أو يراجع.


(١) "تهذيب الكمال" (٢٧/ ٣٢٤ - ٣٢٨).
(٢) "زاد المعاد" (٥/ ٢٤٣).
(٣) "نظام الطلاق في الإسلام" ص (٣٧).
(٤) "زاد المعاد" (٥/ ٢٤٢).
(٥) "الإرواء" (٥/ ٢٠٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>