للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

اختارها الخرقي (١)، واستدلوا بما تقدم في حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - من أن عمر - رضي الله عنه - أمضى الطلاق الثلاث وجعله ثلاثًا، ولو كان محرمًا لم يمضه؛ لأن ذلك من باب المضادة لله تعالى؛ لأن الله تعالى إذا حرم شيئًا وجب اجتنابه.

كما استدلوا بوقوع طلاق الثلاث في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم -، كما في حديث سهل - رضي الله عنه - في قصة الملاعن الذي طلق زوجته ثلاثًا بحضرة النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم ينكر عليه، وكذا في حديث فاطمة بنت قيس أن أبا عمرو بن حفص بن المغيرة المخزومي طلقها ثلاثًا، وفي حديث ركانة أنه قال للنبي - صلى الله عليه وسلم -، إنه طلقها ثلاثًا، وهذه الأحاديث الثلاثة ستأتي إن شاء الله.

وأجابوا عن حديث محمود بن لبيد بأنه مرسل، وبأنه منقطع، فلا تقوم به حجة، وتقدم الجواب عن ذلك.

والراجح هو القول الأول، لقوة دليله، ولأنه مروي عن جماعة من الصحابة: عمر وعلي وابن مسعود وابن عمر وابن عباس - رضي الله عنهم - (٢). قال ابن قدامة: (ولم يصح عندنا في عصرهم خلاف قولهم … ).

وأما حديث سهل في قصة الملاعن، فعنه جوابان:

الأول: أن هذا الطلاق وقع في غير محله؛ لأن الفرقة لم تقع به وإنما وقعت بمجرد لعانهما؛ لأنه باللعان تقع الفرقة المؤبدة، فالطلاق بعده كالطلاق بعد انفساخ النكاح برضاع أو غيره.

الثاني: أن راوي الحديث وهو سهل بن سعد - رضي الله عنه - قال: (فلما فرغا من تلاعنهما، قال عويمر: كذبت عليها يا رسول الله إن أمسكتها، فطلقها ثلاثًا، قبل أن يأمره رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) فهذا يدل على أنه أوقع الطلاق قبل أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - له.

وأما حديث فاطمة بنت قيس فليس نصًّا في الموضوع؛ لأنه قد جاء في


(١) "المهذب" (٢/ ١٠١)، "المغني" (١٠/ ٣٣٠)، "الفتاوى" (٣٣/ ٨).
(٢) "المغني" (١٠/ ٣٣١)، "سير الحاث" ص (٨٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>