للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

هو الذي مشى عليه الدارقطني، والاحتمال الأول أخذ به ابن القيم (١).

والذي يتلخص من الكلام على هذا الحديث أنه حديث ضعيف بجميع طرقه، لما في بعض أسانيده من الجهالة، وما في متنه من اختلاف الألفاظ، مع أن القصة واحدة على ما يظهر، وهو كما قال البخاري: حديث مضطرب، تارة قيل فيه: ثلاثًا، وتارة قيل فيه: البتة، ثم هو معارض بحديث ابن عباس المتقدم، وهو أصح منه إسنادًا، وأوضح منه متنًا.

وقد ضعف الحديث -أيضًا- الإِمام أحمد، قال ابن قدامة: (أما حديث ركانة فإن أحمد ضعف إسناده، فلذلك تركه) (٢)، وقال الخطابي: (وكان أحمد بن حنبل يضعف طرق هذه الأحاديث كلها) (٣). ونقل ابن الجوزي عن أحمد أنه قال: (حديث ركانة ليس بشيء) (٤)، وضعفه -أيضًا- العقيلي، كما تقدم، والترمذي وآخرون.

والاستدلال بهذا الحديث معتمد على رواية أنه طلقها ثلاثًا، وعلى رواية أنه طلقها البتة، فبالأولى أخذ المانعون من إيقاع الثلاث، وبالثانية أخذ الجمهور، لكن من الملاحظ أن من رام الاستدلال برواية من روايات الحديث عمل على تقويتها وتضعيف ما يعارضها، أما على ما قاله الإمامان أحمد والبخاري فإنه لا يحتج لا برواية (ثلاثًا) ولا برواية (البتة)، بل تتساقط الروايتان، ويرجع إلى غيرهما (٥)، وعلى هذا فللعلماء في هذا الحديث مسلكان:

الأول: رفض الاحتجاج بجميع رواياته، وكأن هذا مسلك المحدثين.

الثاني: العمل على تقوية بعضها والاحتجاج بها، وكأن هذا مسلك الفقهاء.


(١) "تهذيب مختصر السنن" (٣/ ١٣٤)، "عون المعبود" (٤/ ٢١٣ - ٢١٤).
(٢) "المغني" (١٠/ ٣٦٦).
(٣) "معالم السنن" (٣/ ١٢٢).
(٤) "العلل المتناهية" (٢/ ١٥٠).
(٥) انظر: "شرح الزرقاني على الموطأ" (٣/ ١٦٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>