للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقد أخذ بهذا القول الأكثرية من هيئة كبار العلماء (١).

وأما حديث ركانة فقد أجيب عنه بثلاثة أجوبة:

١ - أنه حديث ضعيف، كما تقدم؛ لأن مداره على نافع بن عجير، وقد مضى ما فيه.

٢ - أن قول أبي داود عنه إنه أصح من حديث ابن جريج (أنه طلقها ثلاثًا)، سببه أن أبا داود روى حديث ابن جريج من طريق فيها مجهول -كما تقدم- ولم يرو حديث أحمد من طريق داود بن الحصين، عن عكرمة: (أنه طلقها ثلاثًا)، فلهذا رجح حديث (البتة) على حديث ابن جريج، ولم يتعرض لحديث داود بن الحصين الذي هو أحسن حالًا منه، وهذا على رأي ابن تيمية وابن القيم في تصحيح حديث داود بن الحصين، عن عكرمة، كما تقدم.

٣ - أن عبارة أبي داود ليست نصًّا في أن الحديث صحيح عنده، كما تقدم.

أما القائلون بأن طلاق الثلاث بلفظ واحد أو بكلمات متعاقبة لا يقع إلا طلقة واحدة؛ فمستندهم حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - في أن الطلاق الثلاث كان واحدة في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر وأول خلافة عمر -رضي الله عنهما-، وقد تقدم ما فيه.

قالوا: وأما ما فعله عمر - رضي الله عنه - ومن وافقه من الصحابة - رضي الله عنهم - لما رأى أن الناس قد أكثروا من الطلاق الثلاث، وتتابعوا فيه، وأنهم لا ينتهون إلا بعقوبة تردعهم عنه، فرأى إلزامهم بما قالوا عقوبة لهم، فإن هذا من باب التعزير العارض الذي يختلف باختلاف الأزمنة والأمكنة (٢)، ولا يستقر تشريعًا لازمًا لا يتغير، بل المستقر اللازم هو التشريع الأصلي لهذه المسألة، فإذا قُدِّرَ أن


(١) "أبحاث هيئة كبار العلماء" (١/ ٥٤١).
(٢) انظر: كلام ابن رجب في أن قضاء عمر - رضي الله عنه - قسمان: قسم جَمَعَ عليه الصحابة -رضي الله عنهم-، ومنها هذه المسألة، وقسم لم يجمع عليه الصحابة … وهذا في "جامع العلوم والحكم" شرح حديث (٢٨)، وفي "سير الحاث" ص (٣٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>