للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حاجته ثم جاء، فقلت: يا أبا عبد الله لو توضأت، لعلنا نسألك عن ايات، قال: إني لست أمسه، إنما «لا يمسه إلا المطهرون» فقرأ علينا ما شئنا (١).

وعن إسماعيل بن محمد بن سعد بن أبي وقاص، عن مصعب بن سعد بن أبي وقاص أنه قال: (كنت أمسك المصحف على سعد بن أبي وقاص، فاحتككت، فقال سعد: لعلك مَسِسْتَ ذكرك؟ قال: قلت: نعم، فقال: قم فتوضأ، فقمت، فتوضأت، ثم رجعت) (٢).

وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية أن تحريم مس المصحف للمحدث ثابت عن الصحابة، وقال: (إنه قول سلمان الفارسي، وعبد الله بن عمر، وغيرهما، ولا يعلم لهما من الصحابة مخالف) (٣).

ومن أدلة تحريم مس المصحف على المحدث قوله تعالى: {إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ *فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ *لَا يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ *تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الواقعة: ٧٧ - ٨٠]، قالوا: لأن في الآية قرينة دالة على ذلك وهي: {تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ} والمنزل هو القران، ومعنى {مَكْنُونٌ}: محفوظ عن التبديل والتغيير، وممن ذكر هذا الدليل ابن قدامة (٤) والنووي (٥) وابن القيم (٦).

والظاهر أن الاستدلال بالآية على ذلك لا يتم؛ لأن المراد بالكتاب في هذه الآية - والله أعلم - الكتاب الذي بأيدي الملائكة، قال الشوكاني بعد أن ذكر الاستدلال بالآية: (وهو لا يتم إلا بعد جعل الضمير راجعاً إلى القران،


(١) أخرجه الدارقطني (١/ ١٢٤)، والبيهقي (١/ ٨٨)، والحاكم (٢/ ٤٧٧) وقال: (صحيح على شرط الشيخين)، وصححه الدارقطني، وجوده الزيلعي في "نصب الراية" (١/ ١٩٩) ونقل تصحيح الدارقطني له، كما نقله ابن حجر في "الدراية" (١/ ٨٨).
(٢) أخرجه مالك في "الموطأ" (١/ ٤٢)، ومن طريقه البيهقي (١/ ٨٨، ١٣١)، وابن أبي داود في "المصاحف" (٢١١) واسناده صحيح، وله طرق كثيرة ذكرها ابن أبي داود في "المصاحف"، وعبد الرزاق في "المصنف" (١/ ١١٤)، وابن أبي شيبة (١/ ١٨٩).
(٣) "الفتاوى" (٢١/ ٢٦٦، ٢٧٠، ٢٨٨).
(٤) "المغني" (١/ ٢٠٢).
(٥) "المجموع" (٢/ ٧٢).
(٦) "إعلام الموقعين" (١/ ٢٢٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>