للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وهذا على القول بأنه لا فرق بين تحريم الأمة وتحريم الزوجة، وهو قول ابن عباس - رضي الله عنهما -؛ لأنه استدل بآية التحريم، أما على القول بالفرق وأن تحريم الأمة لا يحرمها ولا يكون طلاقًا، وفيه كفارة يمين، كما تدل عليه الآية الكريمة، وتحريم الزوجة فيه كفارة الظهار المنصوص عليها في آية سورة المجادلة، فتكون آية التحريم دلت على حكم تحريم الأمة، وآية المجادلة دلت على حكم تحريم الزوجة، وعلى هذا فلا دليل في الآية؛ لأنها في الأمة.

القول الثاني: أن تحريم الرجل امرأته لغو باطل لا يترتب عليه شيء -كما تقدم-، قال ابن القيم: (وهو إحدى الروايتين عن أحمد، وجماعة من السلف) ثم ذكرهم (١).

واستدلوا بقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ} [المائدة: ٨٧]، وقوله تعالى: {وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ} [النحل: ١١٦]، واختار هذا الصنعاني (٢).

القول الثالث: أن لفظ: أنتِ علي حرام، ونحوها، يرجع فيه إلى نية المتكلم من طلاق أو ظهار أو يمين، فإن لم ينو شيئًا فهو يمين، وهذا قول لأبي حنيفة، ورواية عن أحمد (٣). واستدلوا بأن اللفظ لم يوضع لإيقاع الطلاق خاصة، بل هو محتمل للطلاق والظهار واليمين، فإذا صرفه إلى أحدها بالنية فقد استعمله فيما هو صالح له، وصَرَفَهُ إليه بنية، فَيُصرف إلى ما أراده ولا يُتجاوز به ولا يُقصر عنه.

والقول الرابع: أنه ظهار فيه كفارة الظهار، ولو نوى طلاقًا أو يمينًا، وهو المشهور من مذهب الإمام أحمد، وهو قول إسحاق، وجماعة من التابعين، واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية، وابن القيم، والشنقيطي (٤).


(١) "إعلام الموقعين" (٣/ ٧٨).
(٢) "سبل السلام" (٦/ ٢٢٢).
(٣) "الهداية" (٢/ ١٨)، "المغني" (١١/ ٦١)، "الشرح الممتع" (١٥/ ١٥٣).
(٤) "الشرح الكبير" (٢٢/ ٢٦٧)، "المحرر" (٢/ ٥٥)، "مجموع الفتاوى" (٢٢/ ٢٩٥) (٣٣/ ٧٤)، "زاد المعاد" (٥/ ٣١٣)، "فتاوى ابن إبراهيم" (١١/ ٧٨)، "أضواء البيان" (٦/ ٥٧٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>