للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

واستدلوا بأن اللفظ موضوع للتحريم، والعبد ليس له التحريم والتحليل، وإنما إليه إنشاء الأسباب التي يرتب عليها ذلك، فإذا حرم ما أحل الله له، فقد أتى القول المنكر والزور، فيكون كقوله: أنتِ علي كظهر أمي، بل هذا أولى أن يكون ظهارًا؛ لأنه إذا شبهها بمن تحرم عليه دل على التحريم باللزوم، فإذا صرح بتحريمها فقد صرح بموجب التشبيه في لفظ الظهار، فهو أولى أن يكون ظهارًا (١).

ويرى شيخ الإسلام ابن تيمية، وتبعه تلميذه ابن القيم أن هذا اللفظ يكون ظهارًا ولو نوى به الطلاق، وذلك إذا قال: أنت علي حرام أو محرمة؛ لأنه إذا أوقعه هكذا يكون قد أتى منكرًا من القول وزورًا، وكان أولى بكفارة الظهار ممن شبه امرأته بالمحرمة، إلا إذا حلف به، بأن علقه على شيء؛ كأن يقول: هي حرام عليه إن كلَّم فلانًا، أو دخل دار فلان، فهذا حكمه حكم اليمين؛ لأنه أراد منع نفسه، ولأنه يصير بهذه الصفة يمينًا من الأيمان، كما لو قال: إن كلمتُ فلانًا فلله علي أن أعتق أو أحج أو أصوم، ونحو ذلك، وهذا اختيار الشيخ محمد بن إبراهيم (٢)، والشيخ عبد العزيز بن باز.

قال الشنقيطي: (وقد دلت آية الظهار على أن أقيس الأقوال وأقربها لظاهر القرآن قول من قال: إن تحريم الزوجة ظهار تلزم فيه كفارة الظهار، وليس بطلاق؛ لأن قوله: أنت علي كظهر أمي معناه: أنت علي حرام … ، وأقرب الأقوال بعد هذا لظاهر القرآن القول بكفارة اليمين والاستغفار) (٣).

وفي المسألة أقوال أخرى، ذكر ابن القيم منها خمسة عشر قولًا (٤). وأبلغها القرطبي المفسر إلى ثمانية عشر قولًا (٥). قال الحافظ: وزاد غيره عليها (٦).

قال القرطبي: (سبب الاختلاف في هذا الباب: أنه ليس في كتاب الله


(١) "زاد المعاد" (٥/ ٣٠٠).
(٢) "الفتاوى" (١١/ ٧٨).
(٣) "أضواء البيان" (٦/ ٥٧٦).
(٤) "إعلام الموقعين" (٣/ ٧٨).
(٥) "الجامع لأحكام القرآن" (١٨/ ١٨٠).
(٦) "فتح الباري" (٩/ ٣٧٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>