للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

° الوجه الثاني: في شرح ألفاظه:

قوله: (رفع القلم) أي: إنه ليس يجري أصالة، لا أنه رفع بعد أن وضع، والمراد برفع القلم: عدم المؤاخذة على ما يقع من الصغير والنائم والمجنون من المخالفات، ورفع القلم كناية عن عدم التكليف؛ لأن التكليف يلزم منه الكتابة، كما في قوله تعالى: {كُتِبَ عَلَيكُمُ الصِّيَامُ} [البقرة: ١٨٣]، وهذا هو المشهور. وقيل: إن المراد حقيقة القلم الذي ورد فيه حديث: "أول ما خلق الله القلم" (١).

وأما قلم الثواب بالنسبة للصغير فهو غير مرفوع بدليل صحة إسلامه، كما في قصة الصبي اليهودي الذي أسلم (٢)، وبدليل ثوابه على الطاعات من الصلاة وغيرها، كما في قوله - صلى الله عليه وسلم -: "مروا أبناءكم بالصلاة لسبع … "، وقوله: "نعم ولكِ أجر" لما قالت له: ألهذا حج؟ (٣).

قوله: (عن ثلاثة) أي: ثلاثة أشخاص، أو ثلاثة أنفس، ليشمل الذكور والإناث كالصبي والصبية. ووقع عند النسائي وإحدى روايتي أحمد: "عن ثلاث" بدون تاء.

قوله: (عن النائم حتى يستيقظ) الظاهر أن المغيا محذوف، وبه ينتظم الكلام، وتقديره: رفع القلم عن النائم فلا يزال مرتفعًا حتى يستيقظ، ورفع القلم عن الصغير فلا يزال مرتفعًا حتى يكبر … وهكذا؛ لأن ما بعد حتى غايات مستقبلة، وما قبلها فعل ماض، والفعل الماضي لا يجوز أن تكون غايته مستقبلة، فلا تقول: سرت أمس حتى تطلع الشمس غدًا (٤).

والنائم: هو المغطى على عقله، ومثله المغمى عليه، والمجنون: ذاهب العقل، كما سيأتي.


(١) رواه أبو داود (٤٧٠٠)، والترمذي (٢١٥٥) (٣٣١٩)، وأحمد (٣٧/ ٣٧٨) وهو حديث صحيح بطرقه وشواهده.
(٢) رواه البخاري (١٣٥٦).
(٣) انظر: "فتح الباري" (١٢/ ٨٣).
(٤) "إبراز الحِكَم من حديث رفع القلم" ص (٤٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>