للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

ولكنه يمنع مما يكون فيه تَعدّ على غيره أو إفساد، شأنه في ذلك شأن البهيمة الضارية، ولو فعل المأمورَ به كالصلاة لم يصح الفعل؛ لعدم قصد الامتثال منه.

وكذا النائم فهو معدوم الأهلية، والمراد أهلية الأداء، لا أهلية الوجوب؛ لأن أهلية الأداء مبناها على التمييز، وهو معدوم بالنوم، ولهذا لا يعتد بأقوال النائم التي يعتبر فيها الاختيار؛ كالبيع والشراء والطلاق والعتاق وغير ذلك.

وأما أهلية الوجوب فهي ثابتة في حقه، والوجوب قائم في ذمته، إلا أن النوم أدى إلى تأخير الأداء في حق النائم إلى أن يستيقظ، فإن استيقظ قبل فوات وقت الأداء كان فعله للواجب أداء، وإلا فهو قضاء، ودليل ذلك قوله - صلى الله عليه وسلم -: "من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها، فإن ذلك وقتها" (١).

وقد حمل بعض العلماء هذا الحديث على النائم الذي ليس عنده من يوقظه ولا يتمكن من إيجاد شيء يستيقظ به، أما شخص عنده من يوقظه أو يتمكن من إيجاد شيء يستيقظ به كالساعة وغيرها، ولم يفعل فهذا ليس بمعذور (٢).

ويمكن أن يستدل لذلك بحديث أبي هريرة - رضي الله عنه - في قصة النبي - صلى الله عليه وسلم - مع أصحابه - رضي الله عنهم - لما قفلوا من غزوة خيبر سار ليله حتى إذا أدركه الكَرَى عرَّس، وقال لبلال: "اكلأ لنا الليل" (٣)، وفي حديث أبي قتادة" احفظوا لنا صلاتنا" (٤).

° الوجه الرابع: ذكر المصنف هذا الحديث في كتاب "الطلاق" للاستدلال على أن طلاق الصغير والمجنون والنائم لا يقع، أما الصبي فإن كان لا يعقل فلا طلاق له إجماعًا، وإن كان يعقل وهو المميز لم يقع طلاقه على الراجح من قولي أهل العلم، لقرب عهده باللهو واللعب وبُعده عن


(١) رواه البخاري (٥٩٧)، ومسلم (٦٨٤)
(٢) "فتاوى ابن عثيمين" (١٢/ ٢٣).
(٣) أخرجه مسلم (٦٨٠).
(٤) أخرجه مسلم (٦٨١)، وتقدم الكلام عليه في باب "الأذان" برقم (١٨٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>